شاهد على عصر الإنجازات – المدينة التعليمية صرح شامخ والاهتمام بالإنسان أولوية
بابكر عيسي
بقلم/ بابكر عيسى أحمد:
سعيد أنا بأن أتيحت لي فرصة نادرة أن أعيش السنوات التي تولى خلالها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد في 27 من يونيو عام 1995 إلى حين تنازله عن الحكم -في واقعة مشهودة- لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكان حدثًا غير مسبوق في منطقة الخليج وفي العالم العربي والإسلامي على السواء.
تابعت من موقعي كمدير لتحرير جريدة الراية سنوات العطاء والنماء والازدهار الذي شهدته دولة قطر الفتية … رغم الفوارق بين قطر ودول المنطقة حرصت قطر تحت قيادة صاحب السمو الأمير الوالد أن تربط القول بالفعل وَفقًا لرؤية استراتيجية عميقة بعيدة المدى.
كانت نقطة البداية سؤالًا أساسيًا: ماذا تريد قطر … وإلى أين تتجه؟ فكانت الإجابة بخطط عمل طموحة قادها سمو الأمير الوالد وأركان حكمه بخبرة ودراية، وأشرف على تنفيذها بنفسه لوضع دولة قطر في موقع فاعل على الخريطة الدولية وجعلها واحة للحرية وتحقيق أفضل مستويات العيش الكريم للشعب القطري.
سمو الأمير الوالد أدرك منذ البداية أن طريق الحرية والتحوّل الديمقراطي المدروس هو الخيار الوحيد الذي يوصل دولة قطر إلى أهدافها ويضمن تفاعلها الإيجابي مع محيطها الإقليمي والمجتمع الدولي من خلال العمل الدؤوب لتعزيز التعاون وترسيخ الأمن والسلم وإطفاء بؤر التوتر والحروب بالحوار والتفاوض تحت مظلة الأمم المتحدة.
كان الشعار الأساسي «بناء دولة مستقرة ومزدهرة قوامها الدين والأخلاق وعمادها العلم والمعرفة وأساس حكمها العدل والدستور».. كانت رؤية الأمير الوالد تتركز حول الإنسان القطري الذي هو أهم ثروة.. وهو هدف التنمية ووسيلتها، وأن طريق الحرية والديمقراطية هو السبيل الوحيد لتفجير طاقات المواطن وإبداعاته وتعزيز انتمائه لوطنه.. ومن هنا بدأت دولة قطر تحت قيادة سمو الأمير الوالد مسيرة الإصلاح والتحول الديمقراطي والانفتاح تدريجيًا.
كانت سعادتنا كبيرة في ذلك الزمان بإلغاء وزارة الإعلام ورفع الرقابة عن الصحف والمطبوعات وارتفع سقف الإعلام الرسمي.. وكان من أهم خطوات تحرير الإعلام إطلاق قناة الجزيرة الفضائية التي شكلت ثورة حقيقية في الإعلام العربي وحركت المياه الراكدة وأصبحت من أهم وسائل الإعلام العالمية ورسخت تقاليدَ جديدة في الإعلام العربي تقوم على حرية التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر.
ومن بين خطوات التحول الديمقراطي كان صدور قانون انتخاب المجلس البلدي المركزي وتم انتخاب أعضائه بالاقتراع السرّي المُباشر بمشاركة المرأة لأول مرة في منطقة الخليج وتم التركيز على التعليم باعتباره الوسيلة الأهم في بناء الإنسان المُعتز بقيمه ووطنه وتراث أجداده والقادر على التعامل مع متطلبات العولمة.
كنا في عصر النهضة نتابع باهتمام الدور الريادي لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر حيث قادت النهضة التعليمية.. ذلك أن الإنسان الحر القادر على ممارسة حقوقه وواجباته والمؤهل للمشاركة في العملية الديمقراطية وصنع القرار عبر مؤسسات دستورية لابد أن يكون إنسانًا متعلمًا، وَفقًا لأحدث أساليب التعليم المعتمدة في العالم.. وكانت المدينة التعليمية -ذلك الصرح الشامخ- منارة حقيقية في هذا المجال إلى جانب اهتمام سُمُوِّها بالمرأة والأسرة والطفل والرعاية الصحية.
مختلف جوانب الحياة بدولة قطر تشهد «ثورة تنموية شاملة».. يلمسها المواطن والمقيم يوميًا كما يلحظ ذلك كل زائر لقطر حتى أصبحت قبلة للكثيرين.. وهناك الربط العلمي المحكم بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي الأضلاع الثلاثة لأي دولة تمتلك الرؤية والإرادة السياسية والعزيمة القوية للاندماج في مجتمع دولي تحكمه العولمة.
لعل من أهم الإنجازات على طريق التحوّل الديمقراطي كان إصدار الدستور الدائم الذي يحقق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وينظم عمل مؤسسات الدولة وَفقًا لمبدأ الفصل بين السلطات ويكفل الحريات العامة والشخصية ويحرّم التعذيب ويضمن الملكية الخاصة، والحق في التعليم والرعاية الصحية والعلاج والضمان الاجتماعي ورعاية الأسرة، ويعزز سلطة القضاء واستقلاله، كما يكفل الدستور للمرأة حقوقها السياسية والقانونية والاجتماعية دون تمييز.
رغم التقلبات الجيوسياسية على الصعيد الدولي فإن الاقتصاد القطري يتحرك بسرعة مدهشة إلى الأمام حيث استثمرت كبريات الشركات العالمية في مشروعات الغاز والطاقة والبنية التحتية، وما كان لذلك أن يحدث لولا البيئة الاستثمارية الجاذبة التي تؤطرها قوانين وتشريعات وإجراءات وحوافز.
كما عايشنا خلال «عصر النهضة» الإنجازات الكبيرة للسياسة الخارجية التي حققتها الدبلوماسية القطرية بما تميّزت به من ديناميكية وقدرة على إطلاق المبادرات بما يعزز الأمن والاستقرار والسلم في العالم وينهي النزاعات والتوترات عن طريق الحوار والتفاوض ويعمق التعاون لما فيه مصلحة الشعوب في إطار الشرعية وتحت مظلة الأمم المتحدة.
سارت قطر على نفس المنهاج الذي خطّه صاحب السمو الأمير الوالد وأضاف حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، إنجازات ملموسة على مختلف الصُعُد منذ توليه السلطة، ولعل أبرز هذه الإنجازات الحدث الاستثنائي باستضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 وهو الحدث الذي أذهل الكثيرين باعتباره إنجازًا غير مسبوق في العالم العربي والإسلامي وفي العالم الثالث واستحقت عَبرَه قطر شارة الجدارة ووسام الاستحقاق.
صحيفة الانتباهة