مقالات متنوعة

سراج الدين مصطفى يكتب: خواطر اليوم السادس


سراج الدين مصطفى يكتب: خواطر اليوم الساد

نقر الأصابع

سراج الدين مصطفى

خواطر اليوم السادس

(1)

رغم ظهور ماركات تجارية بفضل منه من حيث التركيبة والفاعلية والنجاعة.. ولكن مازال الشعب السوداني يتمسَّك بمعجون (سيجنل) ويعتبره الفضل دون أن يمنح نفسه فرصة لتجريب الأنواع الأخرى.. وليس معجون السيجنل وحده.. فهناك قائمة طويلة من المسلمات والثوابت يرفض شعبنا أن يتزحزح عنها.. والقائمة طويلة تبدأ من البوكس 78 و الفليردمور.. والهينو.. والقائمة طويلة لا تسعفني ذاكرتي الخربة على تذكرها جميعاً.. كلها عبارة عن قناعات راسخة وثوابت غير قابلة للتغيير عند الشعب السوداني.

(2)

ولعل برنامج (أغاني أغاني) دخل قائمة الثوابت تلك وأصبح جزءاً من وجدان الشعب السوداني وأصبح الوقت ما بعد الإفطار مباشرة هو الوقت المخصص لمشاهدة هذا البرنامج.. ومع وجود برامج أخرى تبث في ذات التوقيت لا تقل عنه من حيث جودة المحتوى، ولكن مفهوم الثوابت غير قابلة للتغيير ظلم تلك البرامج وأصبحت قابلة للمشاهدة في وقت الفواصل الإعلانية لأغاني وأغاني.. وأعتقد أن قناة الشروق قدَّمت برنامج مختلف كلياً عن فكرة الاستنساخ والتشابه والتكرار هو برنامج سوداني.. وهو برنامج بذل فيه مجهود كبير من حيث المحاولة لصناعة محتوى عميق من حيث الطرح والروح والفكرة، ولكن توقيت البث في ذات زمن أغاني أغاني كان سبباً في عدم الالتفات إليه بشكل كامل.

(3)

في مدينتي الحبيبة كوستي.. أجد المزيد من الراحة النفسية والهدوء والأمان الذي أفتقده في الخرطوم بصخبها وضجيجها وزحامها.. وفيها أجد متسعاً من الوقت للتأمل والتفكُّر والتدبُّر ولعل أهم كتبي كتبتها وأنا في كوستي.. وأذكر أنني في ذات هدأة وخلوة مع النفس كنت أستمع وبمزاج عالي وذهن صافي للفنان المهول (عادل مسلم).. أو (عادل مسلط) كما يطلق عليه أهل الموسيقى والعازفين والذين يعرفون مدى العبقرية الموسيقية لهذا الفنان المتجاوز من حيث القدرات الصوتية المهولة أو حتى على مستوى الألحان.. وعادل مسلم رغم ما يقال بأنه ينتمي لحنياً وأدائياً لمدرسة الموسيقار محمد الأمين وأن تأثيره واضح عليه.. ولكني أعتقد بأن (عادل مسلط) افترع لنفسه خطاً أدائياً ولحنياً فيه شخصية جديدة ومختلفة كلياً عن محمد الأمين.

(4)

ولعل ذاكرة المستمع السوداني تحتفظ لعادل مسلم بأغنيات من شاكلة (وشوش نسيم ريدك) و(فاطمة) و(شوتال) كلها أغنيات تدل على عبقرية لحنية فذة ومتجاوزة.. ومن ضمن الأغاني الأخيرة في تجربته الوسيمة أغنية (ترحال) الشهيرة بمقطع (علي كيفك تفوت) وهي من كلمات الشاعر أزهري محمد وألحان صلاح إدريس.. رجل المال والأعمال الشهير.. رد الله غربته.. وأغنية ترحال ذات لحن متجاوز وعميق من حيث التركيبة اللحنية وتمتعت بثراء لحني مهيب وموتيفة غير معتادة .. ولا أخفي بأنني كنت في حالة شك عظيم بأن صلاح إدريس هو ملحن تلك الأغنية.. لعلمي بأن عادل مسلم ملحن من الطراز الرفيع.

(5)

وأذكر أنني اتصلت هاتفياً على عادل مسلم وقلت له أرجو أن تكون واضحاً حول ملكية هذا اللحن، ولكنه أقسم لي بأن الأغنية من ألحان صلاح إدريس.. ولعل صلاحا واحد من الذين ظلمناهم بسبب المال وبسطة الحياة ورغد العيش رغم أنه قدَّم ألحاناً في غاية الجمال والروعة مثل (اعذريني).. (يا جميل يا راقي إحساسك و ضحتك وغيرها من الأغاني التي تؤكد على موهبته اللحنية .. وبذات النظرة لصلاح إدريس يجب أن لا نظلم السيد أشرف سيد أحمد الكاردينال الذي يشكك البعض في شاعريته.. وأنا منهم.. وهذا التشكيك لا يسنده أي مستند بأنه يشتري تلك القصائد.. أقول ذلك لأن الظلم ظلمات

صحيفة الانتباهة