كتشنر والإستعمار المباشر وفولكر والمخطط الإستعماري لتمزيق السودان!!
كتشنر أتى للسودان قائداً لجيشه الغازي ليبسط همينة الإستعمار وسيطرته وكانت كرري هي المعركة الفاصلة التي استعمل فيها جيشه أسلحة كانت محرمة دولياً في ذلك الوقت وحدثت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وفتح الأنصار المجاهدون صدورهم للردى مقبلين لا مدبرينصامدين ومصريين ألا يدخل المستعمرون إلا على اجسادهم وجماجمهم دفاعاً عن الأرض والعرض والعقيدة والوطن وواجهوا العدو في ساحة مكشوفة مفتوحة بأسلحة تقليدية وأبدوا ببسالة فائقة وكتب تشرشل في كتابه حرب النهر عن صمودهم وبسالتهم وصلابتهم.وكذلك كتب الشاعر الإنجليزي كبلينج قصيدته فزيوزي التي أبدى فيها إعجابه بمقاتلي الشرق الأشاوس بقيادة الأمير عثمان دقنة .. وللإستعمار صفحات سوداء وأيضاً لهانجازات لا تنكر ومن صفحاتهم السوداء انتهاك حقوق الإنسان المشار اليها في معركة كرري وإقامة المناطق المقفولة في جنوب السودان وفي جبال النوبة مع تعاملهم مع عدد من المواطنين معاملة لا تليق ببشر وفيها انتهاك لحقوق الإنسان والصور الفوتوغرافية التي تؤكد ذلك لا زالت موجودة وفيها ان مفتش المركز كان يجلس على كرسي ويضع غليونه على طرففمه ويحمله اربعة من الجنوبيين على اكتافهم عند الذهاب لمكتبه اوعند العودة لمنزله أو القيام بأية زيارات أخرى . وكان في تعامل عدد منهم صلفوغطرسة ولذلك قامت بعض الثورات والإنتفاضات الشعبية ضدهم وحدثت مواجهات فردية كثيرة فيها صفعوضرب وإهانة لبعض المتغطرسين منهم وعلى سبيل المثال فإن مولانا محمد الأمين القرشي كان يعمل قاضياً شرعياً بمدينة الحصاحيصا ويقيمبمسقط رأسه قرية ابو فروع ويمتطي حصانه في تحركاته وإعترضه في أحد الأيام في الطريق مفتش كان يركب على حصانه وتحدث معه بطريقة فيها إستفزاز وإنهال عليه مولانا ضرباً مبرحاً بسوطه وولى الخواجة الأدبار ومولانا يتعقبه ويضربه وإستكانة الخواجة بعد ذلك ولان وترك تصرفاته الإستفزازية. وفي مكتب تورس بمشروع الجزيرة كان مفتش انجليزي يستفز المزاعين ويضرب بسوطه احياناً وتصدى له مزارع اسمه محمد علي ود الشمبروره وطرحه أرضاً وضربه ورماه في جدول ملئ بالمياه والخواجة يصرخ وبعدها تخلى عن استبداده وقلة ادبه. وكان مفتش المركز الإنجليزي مور طاغية لا يسمح لأحد بدخول مدينة كتم إلا بإذن منه وكتب الأستاذ أحمد يوسف هاشف مقالاً بعنوان مور طاغية كتم وأدى ذلك لإنهاء خدمته وإبعاده من السودان . وعندما أرادالإداري ماكمايكل كتابة قرار لميكن ناظر الكواهلة بشمال كردفان عبد الله ود جاد الله راضياً عنه أمسك بقلم مستر ماكمايكل وكسره ولذلك لقب بكسار قلم مكميك ( ومما يحفظ لمستر ماكمايكل ما خطه ونشره من كتب ودراسات قيمة في تاريخ السودان وعن قبائله ) وكان شيخ العلماء محمد ود البدوي ذو هيبة ومكانته سامية في المجتمع ولذلك كان المستعمرون يضعون له إعتباراً وإذا زاره مفتش المركز في منزله فإنه يسأل ويتأكد قبل خروجه لإستقباله هل نزل من حصانه أم لا زال يعتليه وإذا علم بانه لم يترجل فإنه يخرج إليه معتلياً حصانه ولا ينزل منه إلا بعد نزول المفتش من حصانه وفي هذا قمة العزة والشموخ الوطني وعدم الإنكسار لمستعمر دخيل عليه الإلتزام بالأعراف والتقاليد وعدم التطاول على من هو اكبر منه سناً ومقاماً.. ومع كل ذلك فإن للحكم البريطاني انجازات لا تنكر وقد أقيمت اول مدرسة فيعهد التركيةالسابقة وكان ناظرها هو رفاعة رافع الطهطاوي وفتحت اربعة مدارس في بعض مدن السودان الأخرى وفيما بعد قفلت هذه المدارس وظل السودان لفترة غير قصيرة خالياً تماماً من التعليم النظاميوفي أوائل عهد الحكم الثنائي افتتح البريطانيون كلية غردون التذكارية وسبق ذلك افتتاح مدرسة اولية ومدرسة وسطى وزاد عدد المدارستباعاً في العاصمة وفي عواصم ومدن المديريات الأخرى وحواضرها وقراها الكبيرة وكانت كلية غردون التذكارية تضم عدة أقسام وتخصصات وهي أساساً مدرسة ثانوية وبعد أن يكمل الطالب الصفين الأول والثاني يتخصص في الصفين الثالث والرابع وينضم لقسم المحاسبة أو القسم الذي يخرج معلمينوقسم الهندسة وقسم الترجمة …… الخ . وتضم كلية غردون قسم القضاء الشرعي ومدرسة العرفاءومدة الدراسة فيها ثلاثة اعوام . يتم فيها تأهيل من أكملوا المدرسة الأولية ليعملوا بعد تخرجهم معلمينفي المدارس الأولية.واقيمت بعد ذلك مدرسة كتشنر الطبية ومدرسة الحقوق والمدارس العليا فوق الثانوية بكلية غردون التي اصبحت فيما بعد كلية الخرطوم الجامعية وأضحت جامعة الخرطوم . وأفتتحت مدارس صناعية وحرفية وأقيم المعهد الفني وأستمرت خلاوي تعليم القرآن الكريم تؤدي دورها العظيم الذي ظلت تقوم به منذ امد بعيد وأقيمت معاهد علمية دينية عديدة وأقيم معهد ام درمان العلمي في عام 1912م وتخرجت اول دفعة من حملة الشهادة العالمية في عام 1924م .وأقيم معهد التربية بخت الرضا الذي تفرع عنه عدد من معاهد التربية وتدريب المعلمين . وأقيمت المدرسة الحربية التي تخرج ضباطاً مؤهلين للعمل في قوة دفاع السودان وأقيمت مدرسة للإدارة والبوليس واقام البريطانيون خدمة مدنية راسخة وقوية في السودان . وأقاموا مشروع الجزيرة لتغذية مصانع لانكشير بالقطن طويل التيله بالإضافة للمحاصيل الأخرى وكان المشروع يروي بالري الإنسيابي بعد إقامة خزان سنار وقبل ذلك اقاموا مشروع الزيداب بنهر النيل ومشاريع اخرى في طوكروغيرها وأقاموا السككالحديديةوأهتموا بالمواصلات السلكية واللاسلكية والبريد والبرق . وكانت الكتب والمجلات والصحف المصرية وغيرها ترسل للسودان وتوزع عبر البريد . وأقاموا الإذاعة السودانية وفي مجال البناء والتعمير أقاموا منشآت قوية راسخة لا زالت قائمة ومستخدمة رغم أنها بنيت قبل أكثر من قرن من الزمان وقضايا الأحوال الشخصية يفصل فيها في المحاكم الشرعية وفقاً للشريعة الإسلامية وظل المسلمون يؤدون شعائرهم الدينية في حرية تامة وكانت اجراءات السفر لأداء فريضة الحج سهلة ميسرة . وكما ذكر الإستاذ احمد خير المحامي بعد أن كثر عدد المتعلمينوإرتفعت نسبة الوعي بين المواطنين ( استرشد القاصر فليستعد الوصي للحساب ) وقام مؤتمر الخريجينوأشتد ساعد الحركة الوطنية المطالبة بتقرير مصير البلاد التي نالت استقلالها ورفع علم البلاد في سارية القصر في غرة يناير عام 1956م …. لقد دخل الإستعمار بالباب وهو يحمل السلاح وخرج بالباب وبعد سنوات طويلة عاد الإستعمار عبر النوافذ بملمس ناعم في الفترة الإنتقالية التي استغل ضعفها وأخذ يتعامل معها بإعتبارها فترة تيه وضياع وفوضى وسعى الخواجات لفرض بعض وصاياتهم على السودان.وفولكر الذي يتعامل كأنه الحاكم العام الفعلي للسودان ظل يبذل قصارى جهده لإحداث فتنة بين الجيش والدعم السريع تؤدي لحرب الأهلية في ظل انتشار السلاح ووجود ميليشيات مسلحة وعصابات تمارس الإجرام والسرقة والقتل تحت تهديد السلاح وأدلى فولكر مؤخراً بتصريح ذاع صيته وفي كلمات واضحةذكرأن الصراع بين الجيش والدعم السريع وارد . وكان يسعى للتقرب لقوات الدعم السريع ليس حباً فيها ولكن نكاية في الجيشلإضعافهوفي المرحلة التالية تبدأ عملية تصفيتهتم للدعم السريع بعد إلمامهمبكل خفاياهواسرارهومصادر امواله وتمويله وتكويناته الداخلية والإنتماءات القبلية والإثنية لكل المخترطين فيه لإشعال نيران الفتنة بين مكوناته المختلفة مع إشعال الفتنة بين تلك المكونات وقيادة الدعم السريع .وتعامل فولكر ومستشاريه مع الدعم السريع هو تعامل مرحلي انتهازي عابر ينتهي بالوصول للهدف الذي يسعونإليه .
والوضع السياسي وصل لحافة الهاوية وإذا أفترضنا أنالإتفاق النهائي قد تم التوقيع عليه ومضى تنفيذ المصفوفةحتى مرحلة اختيار رئيس الوزراء وقطعاً ان الفرح والمرح سيغمر الإطاريين وعندها يكون دورهم قد انتهىوالمهم هو ايصال البلاد للمرحلة التي يريدها فولكر وهي قيام مظاهرات ومعارضة شرسة ضد إختيار رئيس الوزراء وتكوين حكومة الإطاريين ويصحب ذلك حرق للإطارات في الشوارع وقفل الطرق بإقامة المتاريس بالشرق والشمال والوسط ويتبع ذلك اتمام المخطط بإصدار بيان عسكري يعلن فيه أن الفوضى قد بلغت مداها ويتم إعلانحاكم عسكري دون أن يكون ذلك عبر إنقلاب عسكري وتريد الدول الغربية وممثلهم فولكر والخواجات الأخرين أن يكون التعامل مع فرد واحد هو الحاكم العسكري وربما يدعمون نظامه في الأيام الأولى اقتصادياً وتسهيل الأوضاع المعيشية للمواطنين لإمتصاص غضب الشارع ليبدأ حاكمهم العسكري الفرد في تنفيذ مخططهم لإضعاف السودان وتفتيت وحدته بالتدريج بإدراك الحاكم العسكري او عدم ادراكه وإذا خرج عن طوعهم يمكن القضاء عليه أو إنهاء خدمته وإستبداله بآخر يكون دمية في أيديهم ……. أما حديث الخواجات عن الديمقراطية والمسار الديمقراطي فإنه مجرد كذبة وخدعة ليس إلا !!
صحيفة الانتباهة