ناهد قرناص تكتب: النجاح بطعم الفشل
طرفة متداولة بان واحدا من ذوي الخيال الخصب ..سمع صوت أعيرة نارية وزغاريد صادرة من عند جيرانهم ..ذهب اليهم متسائلا فقيل له …ان ابنهم قد نجح بنسبة (52%) ..فقال لهم (وكل الطلقات دي وما قدرتو تصيبوه ؟)..
احتفلت الشرطة احتفالا كبيرا ..بالقبض على حاويات مخدرات تحوي حوالي 18 مليون حبة ترامادول ..و15 طن حشيش ..وقد نما الى علم شخصنا الضعيف (والعهدة على الراوي )ان الفريق الذي اكمل عملية التحفظ قد نال تكريما غير مسبوق بالترقية ..والحق يقال انهم يستحقون التكريم ..والاحتفاء جراء المجهود الذي تم بذله ..لكن السؤال هو ..من هو صاحب الحاويات هذه؟ ولماذا لم تستطع الشرطة رغم (كل الطلقات والزغاريد ان يصيبوه؟)
الحقيقة انني وبمجرد ما قرات خبر حاويات المخدرات ..علقت ساخرة ..بان هذا المسلسل أعيد اكثر من مسلسل الحاج متولي في القنوات الفضائية ..ومن كثرة اعادته فالسيناريو محفوظ للجميع حتى اولئك الذين لا يتابعون التلفاز ..القصة تحدث كل مرة بذات الخطوات ..يتم الاعلان عن القبض على حاوية مخدرات (يمكن العدد يختلف في كل مرة ) ..الاحتفال الهستيري وربما تحدث لقاءات اعلامية مع الفريق العامل ..يتم تداول صور الحاويات في كل الوسائط الاجتماعية ..وووو بس خلاص ..لا تكتمل حلقات المسلسل ..ولا يظهر ابطال ولا مخرجين ..ولا كومبارس .
الشئ الذي يحدث يذكرنا بمسرح العرائس الذي كنا نتسابق لرؤيته صغارا ..شخص ما يحرك العرائس من خلف الكواليس ويتحدث بصوت مغاير لصوته الحقيقي ..ومن ثم تنتهي المسرحية دون ان نعرف هويته ..الفارق انه في مسرح العرائس .بعد اسدال الستار يخرج الممثل من خلف الستارة ليحيي الجمهور ..لكن طال انتظارنا لاولئك الذين يقفون خلف مسرح المخدرات ..ولم يخرج احد.
ضمن كل تلك الأشياء التي نتفرد بها في بلادنا .. قصة المسلسلات غير المكتملة ..لا يمكن لأي قضية ان تصل الى الحلقة الاخيرة ..والمضحك ان الجهات الرسمية تعلن بكل فرح عن القضايا الجديدة ..طيب وتلك التي قبلها ما الذي حدث بشأنها ؟ من هم الذين كانوا وراء كل حاويات المخدرات التي تأتي الى بلادنا وهي (تقدل ) بطمأنينة عجيبة ؟ حين تسأل هذا السؤال يكون الرد على شاكلة (بلادي سهول بلادي حقول ) ..وليس علينا نحن الا الصبر الجميل.
الشاهد في الامر …اننا قد سئمنا من تكرار المسلسل ..وهرمنا في انتظار خروج ذلك الذي يمسك بخيوط اللعبة من خلف الستارة ..لذلك نهمس بالمختصر المفيد للسادة في قوات الشرطة ..النجاح بنسبة ال52% ..لا يعد نجاحا ..ولا يصح الاحتفال به ..هي نسبة لا تؤهل صاحبها للدخول الى أي كلية ..بل ترسله مباشرة الى صفوف الاعادة ..لذلك المرة القادمة نتمنى ان تطيش الطلقات من الحاوية ..وتصيب صاحبها …حينها فقط نطلق الزغاريد …وتعم الاحتفالات ارجاء البلاد.
صحيفة الجريدة