حليم عباس: دعاة وقف الحرب لصالح المليشيا
لا أحد يريد أو يتمنى الحرب. ولكن عندما تفرض الحرب نفسها كأمر واقع، فالواجب هو التركيز في الانتصار وهزيمة العدو، حتى إذا جاء وقت التفاوض أصبحت لديك أرضية لتحقيق أهدافك.
نداء لا للحرب كنداء أخلاقي أعمى بلا أي سياق أو مضمون هو مجرد نداء عبثي جبان وبلا معنى، وإن ادعى الحكمة. لا للحرب بأي معنى وعلى أي أساس؟ هل المهم هو أن تتوقف الحرب مهما كان الثمن؟ أن تتوقف حتى لو كان توقفها يعني سقوط الدولة في يد المليشيا؟
إذا توقفت الحرب ولكن لصالح المليشيا المتمردة، فماذا بعد؟ هل ننتظر المسيح المخلص؟
حالياً لدينا جيش وطني يقاتل في معركة واضحة وعادلة ضد مليشيا تقودها عائلة أو رجل واحد في الحقيقة، مليشيا تجسد بمحض وجودها كل ما هو ضد الدولة وضد القانون وضد النظام والمؤسسة. ظلت هذه المليشيا طوال الفترة السابقة دولة فوق الدولة، لا يجري عليها ما يجري على كل الناس، فوق المحاسبة وفوق القانون، وفوق أي معايير. مليشيا عبارة عن جيش، وقبيلة وحزب سياسي وإمبراطورية اقتصادية وسياسية، وهي في طريقها لابتلاع الدولة بكاملها.
في الحقيقة لا توجد وسيلة أخرى لوقف أطماع هذه المليشيا سوى ردعها بالقوة. نداءات وقف الحرب لن تثنيها ولن تهزمها، وهي نداءات سبيلة عاجزة بلا أي بدائل. دعم الجيش لحسم المعركة لصالح الدولة والنظام والمؤسسية هو الموقف الإيجابي والذي يحقق نتائج على الأرض، و حينما تقرر مؤسسة الجيش التفاوض مع المليشيا، إن حدث ذلك، فسيكون بناءً على ما تحقق من مكاسب على الأرض بدعم الشعب وثباته خلف جيشيه، لا بخذلانه وثتبيطه وتسفيه تضحياته وكأنها عبث. جنود وضباط الجيش الذين يضحون بأرواهم يدركون جيداً ما يفعلونه، ويعرفون معنى أن تسيطر مليشيا على البلد، ومعركتهم ضد المليشيا لم تبدأ قبل يومين. موقف الجيش قديم ومعروف، وهو موقف الجيش منذ أيام حكم البشير، و لم يتشكل قبل يومين.
حليم عباس