عادل الباز يكتب: عقار.. المنصب المستحق
1
لا أعرف السيد مالك عقار شخصيا، ولكنني سعدت جدا باختياره نائباً للرئيس وهو رجل جدير بكل المناصب الرفيعة التي كانت توهب لعاطلي المواهب الذين لا يؤهلهم مكسبهم السياسى ولا خبراتهم لأكثر من الجلوس والتنظير في بنابر ستات الشاى!!.
اختيار السيد مالك موفق،لأنه رجل وطنى قلبه على السودان وتلك عملة نادرة هذه الأيام فى الوسط السياسى، إذ أصبحت كثيرا من الأحزاب مجرد مواخير فى سوق العمالة، وأضحى كثير ممن يدعون الثورية نواطير على أبواب السفارات يعتاشون من بيع الوطن.
2
أن تجد وطنياً يهتف للوطن (باسمك الشعب انتصر)، أن تجد قائدا يؤتمن على أسرار الوطن العليا ومعلوماته، ولا يدعم المتمردين ضده، إذا وجدت رجلاً من ذلك الطراز، يمكن أن تضمن الاختيار لتوليه المنصب عام، ناهيك عن رجل كمالك عقار عركته الحروب والسياسة، قاتل وصالح وخبر الحكم فى شتى المواقع، وله خبرات ورجاحة عقل وصبر على المكاره، قائد فعلاً بمواصفات رجل دولة.
3
لتتأكد من أن اختيار عقار موفق، انظر لثلاثة إفادات قدمها بالأمس فى خطاب قبوله للمنصب.قال السيد مالك (إني أتوجه برسالة إلى قيادة قوات الشعب المسلحة المؤسسة السودانية العريقة بأنه لا بديل للسلام إلا السلام ولا مدخل للسلام إلا من باب الحوار. كما أتوجه برسالتي لقيادة قوات الدعم السريع: لا بديل لاستقرار السودان إلا عبر جيش مهني واحد وموحد، يراعي التعددية السودانية). يعنى ذلك أن السيد النائب يشترط جيشاً مهنياً واحداً، يعنى حل أو دمج المليشيات.. ولكن المطلوب من مالك وهو يسعى مساعيه ولكى يبدأ الحوار أن يوقف الدعم السريع العدوان ويعلن موافقته على الدمج فورا، وكان الدعم السريع قبل الحرب بأيام قال لمبعوثين أوروبيين أنه لن يدمج جيشه قبل عشر سنوات وأن الرئيس البرهان إذا لم يوافق على ذلك سيقوم بالقبض عليه وإيداعه السجن مع البشير!!.. اي والله، اندهش المبعوث الأوروبي من نائب رئيس يهدد رئيسه بالسجن.!!.
مالك الذي يعرف الحرب جيداً لأنه عاشها (40) عاما، وليس مثل من يعلنونها فى شاشات التلفزيونات حتى إذا ما اشتعلت ولوا هاربين مهرولين نحو طائرات الأمريكان. ومع بداية الحرب تواصل السيد مالك مع حميدتي مؤكداً له انهم يعرفون الجيش السودانى جيدا وقد قاتلوه ربع قرن ولم يهزموه ودعاه إلى السلام ولكن حميدتي كان مصرا على أنه قادر على هزيمة الجيش وأنه يسيطر على 90% من الخرطوم.. فاندهش مالك.. وانتهت المحادثة الأخيرة.!!
4
الإفادة الثانية التي هى علامة فى طريق تحقيق الاستقرار.. أكد فيها عقار أنه (سيعمل على استكمال مسار التحول المدني الديمقراطي الذي رفعت راياته ثورة ديسمبر المجيدة على أُسس تضمن مشاركة جميع السودانيين دون إقصاء واستصحاب لتجارب وخبرات السودانيين العديدة.). كلمة السر هنا في “دون إقصاء” وهنا يلمس عقار جوهر المشكلة التي أدت للحرب وهو موقف ليس جديدا منه إذ حذر قحت اكثر من مرة وقال لهم بأن الخط السياسي الذي يتبعونه يفضى لإقصاء الآخرين ولا بد من فتح الاطارى ليكون شاملا….ولكن كلام مالك لم يسمعه أحد، وهاهم الآن السعوديين والأمريكان يتحدثون عن عملية سياسية شاملة وموسعة أي “دون إقصاء”…نرجو أن تسمع قحت كلام مالك هذه المرة بعد أن أشعل الاطارى الحرب ولاذ سدنته بالهروب.
5
انظر إلى أين يمتد بصر، وهم السيد النائب… قال السيد مالك فى خطابه (سنواصل العمل الذي بدأناه مسبقا مع وزير المالية وبشكل عاجل على انجاح الموسم الزراعي، وإنقاذ بلادنا من خطر المجاعة المترتبة على فشله، والآثار الكارثية لما بعد ذلك).هل يمكن لأحد النشطاء اليوم وفي أتون هذه الحرب أن يتذكر شيئا آخر سوى الكراسي… الشعب آخر همومه وقضاياه ليس لهم وجود في أجندتهم.أخيراً بحمد الله جاء إلى المقعد رجل بقامة عقار وذهب الهمج الى مصائرهم المستحقة.
باج نيوز