سياسية

لا تفاعل من الجيش السوداني لدعوة الرياض وواشنطن لتمديد الهدنة

لا تفاعل من الجيش السوداني لدعوة الرياض وواشنطن لتمديد الهدنة
قوات الدعم السريع تعلن استعدادها الكامل لبحث إمكانية التوصل إلى تجديد اتفاق وقف إطلاق النار، فيما يتهرب الجيش من استحقاقات الهدنة الجديدة، ويجهز للتصعيد الشامل.
الأحد 2023/05/28
الجيش السوداني قوض الهدنة ويستعد لحرب المدنالجيش السوداني قوض الهدنة ويستعد لحرب المدن
الخرطوم – انطلقت أصوات إقليمية ودولية تنادي طرفي النزاع في السودان بتفعيل أحد البنود التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار المقرر أن ينتهي سريانه مساء غد الاثنين، وفيما استبقت قوات الدعم السريع هذه الدعوة بإعلان استعدادها الكامل لبحث إمكانية التوصل إلى تمديد الهدنة، التزم الجيش الصمت، ما يشير إلى أنه يتهرب من استحقاقاتها وأنه يجهز للتصعيد الشامل في الخرطوم وخارجها.

وتضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في مدينة جدة الأسبوع الماضي، فقرة تنص على أنه “يجوز للطرفين الموافقة على تجديد أو تحديث هذه الاتفاقية لفترات إضافية”.

واتساقا مع تلك الفقرة دعت السعودية والولايات المتحدة، الأحد، قائدا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الجنرالين عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” إلى مواصلة النقاش في جدة (غرب) السعودية للتوصل إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة التي تنتهي الاثنين.

جاء ذلك في بيان للخارجية السعودية، قبل يوم من انتهاء اتفاق تهدئة رعته الرياض وواشنطن في مدينة جدة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وأسفر عن هدنة لمدة 7 أيام.

ومساء 22 مايو الجاري، بدأ سريان اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين الطرفين لمدة أسبوع، مع استمرار محادثات بينهما في السعودية، في محاولة للتوصل إلى وقف دائم للقتال وحل سلمي للنزاع.

وأفاد البيان، بأن “السعودية والولايات المتحدة بصفتهما ميسّرين لاتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد، تدعوان القوات المسلحة السودانية والدعم السريع لمواصلة النقاش للتوصل إلى اتفاق بشأن تمديده”.

وذكر أن “وقف إطلاق النار سينتهي الإثنين الساعة 9:45 دقيقة بتوقيت الخرطوم (19:45 ت.غ)”.

وأوضحت السعودية والولايات المتحدة في البيان ذاته، أنه “بما أن الاتفاق ليس كاملاً، إلا أن التمديد سيسهل إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوداني”.

وتابع البيان “في ظل عدم وجود اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار الحالي، يظل من واجب الطرفين التقيد بالتزامهما بموجب وقف إطلاق النار قصير الأمد وإعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان”.

ومساء السبت، أعلنت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان، في بيان، استعدادها لبحث إمكانية الوصول إلى تجديد اتفاق وقف إطلاق النار.

وأكدت التزامها باتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية الذي تم توقيعه بمدينة جدة في 20 مايو الجاري 2023، مشيرة إلى أنها ستستمر قوات الدعم السريع في مراقبة الهدنة الحالية إلى نهايتها في التاسع والعشرين من مايو الجاري، لاختبار مدى جدية والتزام الطرف الآخر للمضي في تجديد الاتفاق من عدمه

وفي المقابل، لم يصدر بيان من الجيش السوداني، بما يفيد رغبته في تمديد وقف إطلاق النار، حيث يستعد للتصعيد الشامل في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، خصوصا بعد دعوته المتقاعدين للالتحاق بأقرب قاعدة عسكرية للتجنيد، ما يشير إلى حرب المدن تظهر الرغبة في توسيع مدى المعركة في المكان والزمان.

وجاء هذا الإعلان غداة تأكيد السعودية والولايات المتحدة، في بيان مشترك، عن “تحسن في احترام وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال الخميس، مقارنة باليوم السابق له”.

وشهدت العاصمة السودانية بعض الهدوء صباح السبت، في ظل هدنة تستمر سبعة أيام أدت على ما يبدو إلى تقليل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، غير أنها لم تقدم بعد المساعدات الإنسانية المنتظرة لملايين المحاصرين في العاصمة.

وتهدف الهدنة التي وقعها طرفا الصراع الإثنين الماضي لضمان ممر آمن للمساعدات الإنسانية والتمهيد لمحادثات أوسع نطاقاً برعاية الولايات المتحدة والسعودية.

وقال شهود السبت، إن الخرطوم تشهد بعض الهدوء، بالرغم من ورود أنباء عن اشتباكات متفرقة خلال الليل، وتحدثت قناة العربية عن وقوع اشتباكات في شمال غرب الخرطوم وجنوب مدينة أم درمان المجاورة لها.

واتهمت قوات الدعم السريع في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر، مساء السبت، الجيش بشن ضربة جوية دمرت شركة صك النقود.

وقالت الدعم السريع في بيانها الأول “كالعهد به وفي اتساق تام مع سلوك الانقلابيين المعهود في خيانة العهود وعدم الالتزام بالمواثيق، وغياب الرشد والمسؤولية الوطنية، شن الانقلابيين السبت هجوما بربريا على مباني صك العملة بسلاح الطيران مخلفا دمارا شاملا على هذه المؤسسة الوطنية العريقة والاستراتيجية”.

وأدانت الدعم السريع سلوك الجيش الذي وصفته بـ”البربري غير المسؤول” وحملت “قيادة الانقلابيين المسؤولية الاخلاقية والوطنية لهذا السلوك العدواني، كما ندين استمرار الفلول في خرق اتفاق جدة نصا وروحا”.

وشددت على أن “هذه التصرفات غير المسؤولة التي تهدف وبشكل ممنهج لتدمير المنشآت العامة والخاصة تؤكد بوضوح حجم العداء والحقد الذي يضمره هؤلاء الانقلابيين ونظامهم البائد للشعب السوداني”.

ولاحقا أصدرت قوات الدعم السريع بيانا، اتهمت الجيش بتحويل بعض المستشفيات إلى ثكنات عسكرية ومنصات لإطلاق المدافع على المناطق السكنية.

وقالت في بيان “لا تزال قوات الانقلابيين وأذرع فلول النظام البائد، تحتل عدد من المستشفيات بالعاصمة الخرطوم، واستمرت في تحويل مستشفى المعلم إلى ثكنة عسكرية ومخازن للسلاح وتوزيع قناصة على السطح”.

وأكدت “عدم التزام الانقلابيين بوقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية أيضاً يتجلى في استمرار الانتهاكات وجرائم الحرب بتحويل مستشفى الآمل بالخرطوم بحري إلى منصة لإطلاق المدافع على الاحياء المأهولة بالسكان، وتستخدم أيضاً قوات الانقلابيين مستشفى البان جديد كثكنة عسكرية لقواتها”.

وذكرت “لا يزال مستشفى السلاح الطبي منصة أساسية لإطلاق قذائف المدافع عشوائياً على أحياء بحري وأم درمان والخرطوم، ورصد عدد من حالات القتل جراء القصف المدفعي مصدره مستشفى السلاح الطبي.

ولفتت إلى أن الجيش “وفي مسلك لا يمت للإنسانية بصلة نهبت قوات الانقلابيين شحنات أدوية منظمة أطباء بلا حدود (أدوية متعلقة بالنساء والتوليد ووجبات الأطفال) لعدد من المستشفيات بالخرطوم وتحويلها إلى المدرعات الشجرة واعتقال الأطباء وسائقي الشاحنات”.

وأضافت أن “قوات الانقلابيين والفلول يشنون حملات واسعة ضد شريحة الأطباء بذرائع واهية حيث قامت باعتقال الدكتور علاء الدين عوض نقد وتحويله إلى جهة غير معلومة.”

وأدانت الدعم السريع “حملة أذرع النظام البائد بخطف واجبار الأطباء لمعالجة جرحى الفلول، واستهداف الأطباء والكوادر الطبية وقيادة حملات تضليل واسعة على الكوادر الطبية”.

لطالما اتهمت الأصوات المؤيدة للديمقراطية البرهان بأنه “حصان طروادة” للإسلاميين الذين حكموا السودان خلال عهد الرئيس عمر البشير الذي أطيح من السلطة عام 2019 إثر احتجاجات حاشدة.

خلال ستة أسابيع من القتال، صار داعمو البرهان أكثر وضوحاً ومن بينهم “شبكة من الشركات القائمة على المحسوبية، من بنوك وشركات اتصالات مملوكة لإسلاميين وضباط استخبارات، فضلاً عن شركات مملوكة للجيش نفسه”، وفق الخبير في الشأن السوداني أليكس دي وال.

وسلط محمد حمدان دقلو الضوء على هذه المسألة، واصفاً البرهان بأنه “إسلامي” و”انقلابي” عازم على إحياء “بقايا النظام القديم”، على عكس قوات الدعم السريع التي قال إنها تقاتل من أجل دعم “الديمقراطية”.

من جهته دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي يزور مصر، طرفي النزاع “للاستماع إلى القصص المأسوية للاجئين”. أضاف “إذا كانا يفكران حقاً في الناس، فعليهما التوقف عن القتال على الفور”.

وأدى الصراع الذي اندلع في 15 أبريل إلى مقتل 866 مدنياً وفق نقابة أطباء السودان اليوم الأحد، ونزوح 1.3 مليون سوداني عن ديارهم إما إلى الخارج أو إلى مناطق أكثر أمناً داخل البلاد.

ويعاني من بقوا في الخرطوم من انهيار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات، بينما ينهب اللصوص المنازل، ومعظمها في الأحياء الميسورة.

وقالت النقابة (غير حكومية)، في بيان وصل الأناضول نسخة عنه: “منذ بدء الاشتباكات ارتفع عدد الوفيات بين المدنيين إلى 866 حالة، فيما وصل عدد الإصابات إلى 3 آلاف و721 إصابة”.
وأفادت النقابة أن “عددا من الوفيات والإصابات لم يتم حصرهم بعد وذلك لعدم التمكن من الوصول إلى المستشفيات، وصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد”.
والخميس، أعلنت النقابة عن تسجيل “865 قتيلا و3 آلاف و634 مصابا بين المدنيين جراء الاشتباكات”.

الشرق الأوسط