سياسية

تمديد مهمة الأمم المتحدة في السودان رغم اعتراضات البرهان

الرئيسية


E

تمديد مهمة الأمم المتحدة في السودان رغم اعتراضات البرهان
قوات الدعم السريع تؤكد التزامها بالمبادرة الأميركية السعودية، وتحمل الجيش مسؤولية تعليق مفاوضات جدة بتفخيخ المباحثات بشروط تعجيزية مسبقة.
السبت 2023/06/03
اشتباكات عنيفة بعد انهيار الهدنةاشتباكات عنيفة بعد انهيار الهدنة
الخرطوم – اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا بتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في السودان لمدة 6 أشهر، مدينا بشدة الهجمات على المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، فيما حمّلت قوات الدعم السريع مساء الجمعة، الجيش السوداني مسؤولية تعليق مفاوضات جدة، التي ترعاها ‏المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، من خلال تفخيخ المباحثات بشروط تعجيزية مسبقة من أجل إفشال عملية التفاوض.

ومدّد مجلس الأمن الدولي الجمعة لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة في السودان، بعدما اتّهم قائد الجيش السوداني المبعوث الأممي فولكر بيرتيس بالإسهام في تأجيج النزاع.

وفي قرار مقتضب، وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد تفويض “بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان” حتى الثالث من ديسمبر 2023. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع في البلاد.

واتّهم البرهان الأسبوع الماضي بيرتيس بتأجيج النزاع الدموي الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وكان البرهان قد وجّه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش طالبه فيها بـ”ترشيح بديل” لبيرتيس، متّهما الأخير بارتكاب “تزوير وتضليل” أثناء قيادته عملية سياسية تحولت حربا مدمرة.

وفي ختام اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن الدولي الأربعاء، أكد غوتيريش “ثقته التامة” ببيرتيس.

وقال غوتيريش “يتعين على مجلس الأمن أن يقرر ما إذا كان يؤيد استمرار المهمة فترة إضافية، أو ما إذا الوقت قد حان لإنهائها”.

كذلك، أعرب عدد من أعضاء المجلس الآخرين عن دعمهم المبعوث الأممي.

وقال نائب السفير البريطاني جيمس كاريوكي إن الأشهر الستة المقبلة ستتيح لمجلس الأمن الوقت اللازم “لتقييم تأثيرات… قدرة يونيتامس على ممارسة تفويضاتها الحيوية”.

من جهته أبدى نائب السفير الأميركي روبرت وود “أسفه لأن هذا المجلس عجز عن التوصل إلى إجماع على تفويض محدّث”.

وأمل في أن يوافق المجلس في الأشهر المقبلة على قرار “يمكّن البعثة من تقديم دعم أفضل لإنهاء النزاع وحماية حقوق الإنسان (ووصول) المساعدة الإنسانية بلا عوائق”.

ويدعو القرار الذي تم تبنيه الجمعة الأمين العام إلى مواصلة تقديم تقارير بشأن المهمة في السودان كل ثلاثة أشهر. ويتوقع أن يصدر التقرير المقبل في 30 أغسطس.

وبيريتس الذي كان موجودا في نيويورك عندما اتّهمه البرهان بتأجيج النزاع، يُتوقّع أن يعود “إلى المنطقة” في الأيام المقبلة. وهو سيزور أديس أبابا للقاء مسؤولين في الاتحاد الأفريقي، وفق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق.

وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس” أنشئت في يونيو 2020 لدعم العملية الديمقراطية الانتقالية بعد نحو عام على إطاحة الدكتاتور عمر البشير، ومذّاك كان يتم تجديد تفويضها سنويا لمدة عام.

وفي بيان صحفي وافق عليه المجلس المكون من 15 عضوا في نيويورك، أن المجلس يعبر عن “القلق البالغ” إزاء الاشتباكات.

وأعرب البيان عن إدانته الشديدة لجميع الهجمات على السكان المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها والعاملين في المجال الإنساني في السودان.

كما دان الهجمات التي تستهدف المرافق الطبية والعاملين في القطاع الطبي، ونهب الإمدادات الإنسانية.

ودعا مجلس الأمن في البيان جميع الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان ودون عوائق في جميع أنحاء السودان.

وأكدت قوات “الدعم السريع”، الجمعة، التزامها بالمبادرة الأميركية السعودية بما يقود إلى حلول جذرية لقيام دولة مدنية ديمقراطية، محملة الجيش مسؤولية انهيار الهدنة وإجهاض جهود الوسطاء في حلحلة الأزمة.

وأوضحت قوات الدعم السريع في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتوتير أن “وفد الجيش السوداني حضر إلى جدة بواجهات متعددة، تمثل عددا من مراكز اتخاذ القرار، وبلا صلاحيات أو تفويض، ما أحدث ربكة وتأخيرا في المباحثات، انعكس ذلك في عدم الالتزام الواضح من جانبهم باتفاق وقف إطلاق النار، ما جعل الهدنة الإنسانية من طرف واحد”.

كما لفتت قوات الدعم السريع أن الجيش السوداني “ارتكب خروقات وانتهاكات متعددة، مثل القصف الجوي الذي تسبب في مقتل وجرح المئات من المدنيين، وتدمير المرافق العامة والخاصة، بما في ذلك مقرات الأمم المتحدة، وطلعات طيران الاستطلاع والمسيرات، والقصف المدفعي العشوائي على المناطق المأهولة بالسكان، ما خلّف عددا من القتلى والجرحى، واحتلال المستشفيات العامة والمراكز الصحية، واغتصاب الحرائر وترويع المواطنين في مناطق شمال أم درمان، ونهب المنازل، والتحركات التعبوية للقوات وتسليح المواطنين، وعمليات القنص وتصفيات المواطنين على أساس عنصري، واعتقال المدنيين والكوادر الطبية ولجان المقاومة”، وفقا للبيان.

وأضاف البيان أن “هذه الانتهاكات المتكررة تسببت في عرقلة وإعاقة الهدف الرئيسي من الهدنة، وهو معالجة الوضع الإنساني الذي يعيشه الشعب السوداني بسبب هذه الأزمة”، متابعا “لقد تأكد لنا أن الجيش السوداني من خلال تعليق مشاركتهم في التفاوض سعى إلى تفخيخ المباحثات بشروط تعجيزية مسبقة من أجل إفشال عملية التفاوض، وهو هدف خطط له وفد الانقلابيين منذ اليوم الأول، رغبة منهم في تأجيج نار الفتنة وتوسيع دائرة الحرب”.

وكان قائد الجيش السوداني قد أعلن الأربعاء الماضي تعليق مباحثات جدة بسبب “عدم التزام قوات الدعم السريع بتنفيذ بنود الاتفاق واستمرار الخروقات”.

وجاء قرار الانسحاب بعد يوم من تهديد قائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان باستخدام القوة المميتة في مواجهة قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وذلك في اليوم الأول من هدنة جديدة بخمسة أيام.

وانتهك الجيش السوداني كل فترات وقف إطلاق النار منذ بدء الصراع الواحدة تلو الآخر مما أثار مخاوف من استمرار العنف الذي قد يزعزع استقرار دول أخرى في المنطقة.

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم اشتباكات بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد إعلان الولايات المتحدة والسعودية في بيان مشترك الخميس الماضي تعليق محادثات السلام في جدة.

وترددت أصداء القصف المدفعي في الخرطوم الجمعة مع احتدام القتال في أعقاب انهيار الهدنة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني الذي استقدم تعزيزات إلى العاصمة، غداة فرض واشنطن عقوبات على طرفي النزاع.

وقال سكان في الخرطوم وأم درمان إن الجيش استأنف الضربات الجوية واستخدم المزيد من المدفعية.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية على طرفي الصراع في السودان الخميس الماضي، مجددة دعمها للشعب السوداني وحرصها على إنهاء الصراع والسعي إلى تأسيس حكومة مدنية.

وفرضت واشنطن عقوبات على شركات اتهمتها بتأجيج الصراع في السودان، وشددت الضغط على الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بغية وقف المعارك الدائرة في الخرطوم ومناطق أخرى.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنها استهدفت شركتين على صلة بالجيش، بما في ذلك أكبر مؤسسة دفاعية في البلاد، وشركتين على صلة بقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بما في ذلك شركة تورطت في تعدين الذهب.

الشرق الأوسط