عن خطاب تشكيل حركات المقاومة قال الجنرال شارل ديغول “لا ينبغي أن نقف ولن نقف”
هكذا القى الجنرال شارل ديغول خطاب المقاومة الشهير لتحرير فرنسا من الغزو الالماني ومن لندن مساء ال١٧ من حزيران يونيو عام ١٩٤٠م وعبر إذاعة البي بي سي وعقب لقاءه برئيس الوزراء البريطاني وليم تشرسل، وكون بذلك قوات فرنسا الحرة التي كانت تضم فقط المتطوعين من الشبان الفرنسيين.
كانت فرنسا محتلة ويعبث الغزاة الالمان باكثر من نصف مساحتها الشمالية ، احتل الجيش الهتلري البيوت ودور السينما والجامعات ومراكز الابحاث ودور الاوبرا ومشافي ومساكن الفرنسييين ، وفقدت باريس مكانتها الطليعية في الفنون والثقافة الأوروبية. فُرضت على وسائل الإعلام رقابة صارمة، كانت الفتيات الفرنسيات يغتصبن ويهان اعراضهن شر اهانة من المحتلين ، امام هول ذلك المشهد استقال رئيس الوزراء الفرنسي بول رينو من منصبه بدلًا من توقيع الهدنة مع الغزاة، وحلّ محله الماريشال فيليب بيتان، أحد أبطال الحرب العالمية الأولى ، وكون حكومة بوردو التي وقعت على الهدنة و الاستسلام للمحتلين الالمان في نهاية يونيو ١٩٤٠م معلنا بذلك تكوين الجمهورية الثالثة الفرنسية.
جاء الجنرال ديغول الي لندن معارضا خطة الاستسلام ودعى لمواصلة الكفاح وقال ان انتصار النازية في معركة فرنسا لا يعني نهاية الحرب ، كتبت إليزابيث دو ماريبال خطاب المقاومة لديغول ، كان خطابا مختصرا في صفحة واحد قراءها على اثير البي بي سي في السادسة مساء بتوقيت غرينتش ودعى الفرنسيين القادرين على حمل السلاح للمقاومة لتحرير وطنهم والمشاركة ومواصلة القتال جنبا الي جنب مع الحلفاء البريطانيين والامريكان .
وقال قولته الشهيرة إلى الجنود “لا ينبغي أن نقف ولن نقف” دخلت هذه الكلمات إلى المفردات السياسية للقرن العشرين، وشكل بذلك اول حركة (لجان) مقاومة من الشبان الفرنسيين المتطوعين للقتال .
كان القتال ضد نظام فرنسا الفيشية وهذا مصطلح للحكومة الجنرال فيليب بيتان المتؤاطئة مع الغزاة الالمان والتي اعتبروها دمية في يدهم رغم محاولة البعض تصويرها كحكومة مستقلة .
ومن ممارسات المحتل الالماني والتي دفعت بالشباب بالالتحاق بحركة المقاومة التي اعلنها ديغول ان المانيا اعتقلت ما يقارب المليون سجين فرنسي من أسرى الحرب، وفرضت العمل الإجباري على الذكور الشباب، ودفع إتاوة باهظة من الذهب والطعام والمؤن لألمانيا.
طُلب من الشرطة الفرنسية جمع اليهود والمجموعات الأخرى «غير المرغوب بها»، كالشيوعيين واللاجئين السياسيين، ويُقدر عدد القتلى من اليهود الفرنسيين بنحو 72500 شخص.
في البدء دعم عامة الشعب الفرنسي النظام الجديد المتواطئ مع الالمان، لكن الرأي العام انقلب على الحكومة الفرنسية والقوات الألمانية، تدريجيًا، عندما لاحت في الأفق معالم خسارة ألمانيا في الحرب العالمية، وتزايد تدهور الظروف المعيشية في فرنسا.
داخليا عملت المقاومة الفرنسية بقوة ونسقت مع حركة شارل ديغول خارج البلاد، لوحظ ان الشباب انقسمو لفئتين احداهما انضمت للمقاومة المسلحة واخري عملت بالداخل وكانوا متفقين حول الهدف بتحرير بلادهم من الغزاة مع تنوع الوسائل، بهذا التنسيق تعاظمت قوة المقاومة مع مرور فترة الاحتلال وتعسف حكمها على الشعب الفرنسي.
عقب عملية النورماندي الشهيرة وغزوها بواسطة قوات الحلفاء في يونيو 1944، وتحرير فرنسا في وقتٍ لاحق من ذلك العام، نُصّبت الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية الحرة في السلطة، وترأسها الجنرال شارل ديغول.
وحكوم اغلب اعضاء الحكومة المتواطئة مع الغزاة بتهمة الخيانة العظمى بما فيهم رئيسها فيليب بيوتان الذي حوكم بالاعدام ولكن خففها ديغول الي المؤبد، وحوكم اخرين بتهم جرائم ضد الانسانية سيما الذين رحلوا اليهود الي معسكرات النازية ومن ارتكبوا اعمال وحشية في حق شباب المقاومة.
المستفاد من هذه القصة أن دعوة الشباب للمقاومة والمشاركة في تحرير بلدهم من الاحتلال بجانب الجيش ليست بغريبة على التاريخ ، وان هنالك من يرضي بالعمل مع الاحتلال ايضا ليس بغريب ! ومن يخزل في حركة المقاومة ستأتي به انتهاكات الغزاة مسرعاً عما قريب ، ومن يحمل السلاح في وجه الغزاة هو في اصله يريد السلام ويعشق الحرية لبلده ولشعبه ويرفض الذل والهوان، وهو من يحتفل بنصب قوس النصر مع ابناء وبنات شعبه في ميدان الحرية .
ما الذي يدفعنا للتخاذل ونعلم ان من بين الغزاة اجانب اتت بهم حركة التعبئة والاستنفار القبيلة وعبروا الحدود لمساندة الغزاة واحتلال المليشيا لبلدنا وما العذر الذي سنقوله للاجيال ؟
وكل عام وسودان حر من الغزاة والمرتزقة والمتواطئين والمخزلين .
مبارك أردول