كاتبة إماراتية: كان لابدّ من التدخل!
كانت الحرية ولا تزال حلماً على جميع المستويات، الحريات الفردية وحرية الوطن والجماعة، الحرية التي هي نقيض الاعتقال والقمع والمصادرة، والحرية في الطريقة التي نمارس بها الحياة بعيداً عن التسلط والإكراه، حرية التنقل، التعبير، الرأي.. وسائر الحريات التي تمنح الإنسان فضاءاته التي يمكنه بها وفيها أن يمارس إنسانيته وما يحب وبالطريقة التي يرى أنها تحقق له السعادة والرضا.
قديماً قال أحدهم صارخاً محتجاً على أولئك الذين أساءوا استعمال الحرية (أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك) ليرد عليه آخر منبهاً (وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق) عندما كانت الحرية تعني التحرر من ربقة الاستعمار والاحتلال، هذه الحرية التي ناضلت الإنسانية في سبيل نيلها، وها هي تنحصر في مواقع التواصل وتطبيقاته، وفي مجموعة (الحمقى) كما سماهم الفيلسوف الإيطالي إمبرتو إيكو، الذين يتلاعبون بالحرية ويضربون السلوك الاجتماعي في مقتل!
يبدو أمراً سيئاً وغير مقبول ولم يكن متخيلاً أن يطالب الكتاب والفلاسفة وأصحاب الرأي بوضع قيود على مستخدمي شبكة الإنترنت لمنعهم من العبث الذي يمارسونه باسم حرية التعبير، فالطريقة التي يفهم بها هؤلاء الحرية ويطلقون لعقولهم المحدودة العنان لاستفزاز الناس وتخريب الذوق العام والذائقة والعلاقات، تتطلب من المشرع التدخل، لأن وظيفة التشريع حماية مصالح المجتمع، ولأن الحرية وسيلة وليست هدفاً طوباوياً في حد ذاتها، إنها وسيلة للحياة الإنسانية الكريمة، وليس للعبث ونشر التفاهات والإخلال بجذور القيم والأعراف، حتى لم يبقَ منحرف أو انحراف إلا وعرض على الملأ، وصار الصغار يقلدونه، والكبار يتفرجون عليه وكأنهم في سيرك!
لذلك كان الحكم الصادر بسجن إحدى فتيات مواقع التواصل وحرمانها من استخدام شبكة الإنترنت، موقفاً وتدخلاً قانونياً حكيماً جاء في وقته، وكان لا بدّ منه حماية للمجتمع من تفاهاتها التي تبثها طوال النهار، معتبرة نفسها مؤثرة وقدوة تتبع وتقلد للأسف الشديد، ووضع الأمور في مسارها الصحيح، وأظن أنها ليست وحدها التي تستحق العقوبة فهناك كثر غيرها، وربما يكون الحل كذلك في حظر بعض التطبيقات خلاصاً من آفاتها!
عائشة سلطان – “صحيفة البيان”