مكي المغربي: مصير المفاوضات
تدنى سقف الدعم السريع إلى الإنسحاب من المدن مقابل دور سياسي وعسكري، الدور السياسي واضح، الحصول على مقعد في السلطة، عضو مجلس سيادة ووزير أو وزيرين، أما الدور العسكري فهو على شاكلة اعتبار الدعم السريع قوة نظامية لحماية الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية أو أشياء مشابهة لذلك، وقبل أن نبين خطورة هذا الطلب والذي يبدو في الظاهر أنه تنازل، دعونا ننقاش ماذا كانت المطالب السابقة؟ وهي على درجتين وفق المخطط وبعد فشله.
وفق المخطط، كان الغرض هو الإستحواذ على السلطة كاملة وقتل قائد الجيش وآخرين ثم الحديث عن إنقلاب كيزاني وقتل وفصل عدد مهول، وتنفيذ ما أعلن سابقا عبر حليفهم السياسي، أن يكون الدعم السريع نواة الجيش الجديد، ويتم تسليم الحكم المدني الصوري لمن يريدون من قحت، وكذلك الجهاز التنفيذي ثم الاطاحة بهم لاحقا.
بعد فشل المخطط كانت المطالب المساواة بين الجيش والدعم السريع والعودة لما قبل 15 أبريل في ثياب جديدة.
طبعا هذا الكلام صار “مجرد كلام” بعد استباحة الخرطوم من السفارات والعمارات والبنوك إلى رواكيب القش وكناتين الأحياء، وسرقة المركبات من البرادو إلى التكتك، وصار مستحيلا بعد مذبحة الجنينة التسويق للدعم السريع خارجيا، لأن سلوك الدعم السريع لا يؤهله للإندماج ولا حتي في “جبهة تمازج” فما بالك بالقوات المسلحة السودانية.
وعليه جاء الحديث عن نزول السقف إلى دور سياسي وعسكري مقابل الآتي:
1- عدم تحمل مسئولية النهب والسلب وكل الجرائم لأن المليشيا لاتزال الآن قوة نظامية معترف بها كما كانت وتتحمل مسئوليتها الحكومة.
2- يتم التخلص من المتفلتين أو إخراج قبائل بعينها من الدور الجديد لأنهم مجرد متفلتين لا يتحمل الدعم مسئولية جرائمهم ولا حتى يسمح لهم بالاستمرار معه في الدور العسكري الجديد.
3- الدعم السريع غير معني بإعادة بناء ولا غيره هذا مسئولية الجيش والحكومة، ولكن هنالك دول ستدفع ثمن الصفقة أو تقدم وعودا بذلك والحكومة هي المسئولة من ملاحقة الوعود.
لاحظ أن الدور السياسي يمنح بعض القيادات الحصانة ضد أي ملاحقة خارجيا، كما أن الدور العسكري على الحدود يعني الاحتفاظ بقواتهم المسلحة وإمكانية تضخيم عددها وفتح الحدود لمن يريدون من مرتزقة.
باختصار الدور السياسي يعني الحصانة، والدور العسكري يعني إعادة بناء القوات مجددا والحصانة للجنود بكل ما نهبوه وفعلوه.
تلك الدولة تدفع “كسر بيت” لأهل الخرطوم وديات للمساليت ويطوى الملف مع أن الخناجر لا تزال تقطر دما.
وفي هذا السياق يأتي الظهير السياسي للمليشيا ويحتل العقول بالأكاذيب كما احتل الدعم السريع البيوت.
هل يوافق الجيش؟!
قطعا، مستحيل التزحزح عن ضرورة خروج المليشيا البيوت والمؤسسات الحكومية والمدنية، وإلا فان الشعب سيلعن الجيش، ولن يلعن قحت.
كان أمام الدعم السريع حتى وقت قريب فرصة الخروج الطوعي الآمن، ولكن الآن هنالك موقف شعبي تجاه ما يسمى بالخروج الآمن.
زادت المليشيا على نفسها التعقيدات، وصار التعامل معها شبه مستحيل.
لم يعد احتمال السيطرة على موقع جديد يجعلها أقوى على أرض الواقع.
ربما لا يزال الهروب متاحا ولكن كما قال الشاعر في ذلك البيت الذي يستدل به أهل البلاغة عن اسلوب التكرار.
إلى أين أين النجاة ببغلة
أتاك اللاحقون احبسي احبسي.
مكي المغربي