كاتب صحفي يستبشر لأهل السودان برؤيا منامية
لي صديق من حينا القديم . شاب صامت قليل الكلام ساكن الحركات . يظن البعض انه مجذوب او له وضعية لا يسبر غورها البعض . لاحظت فيه إلتزام بالمسجد وسعي لأعمال الخير وحرص غريب في ساعات ممتدة على تتبع الجنائز والعناية بالمقابر ؛ وقد كسرت مغاليق حذره بلزوجة تقرب مني حتى صرت من قلة تحادثه وتضاحكه ويزورني بالبيت وأزوره ببيتهم حتى عرفت أسرته التي احتفت بذاك التعارف .
هاتفني قبل قليل . سالته عن حاله وأحواله وتبادلنا كفارات الحرب وإنساب الحديث . لاحظت انه في علو من الصفاء واليقين المبشر بزوال المحنة . قال لي رايت رؤيا . قلت قل . وللامانة اختبرته من قبل في سابقة حدثت بدقة محيرة . وكان تفسيرها يتكامل ويتمم ما حدث ويحدث الان .
قال انه راى في منامه انه يجلد ويضرب ويلاحق للقتل.. ففزع ومضى في بحر الهلع سربا . وضاقت به الفضاءات ومدى النجاة . حتى لمح طرفا بالمدينة به حشد من الناس . جرى عليهم فوجدهم جميعا من الشباب ليس بينهم عجوز او كهل ! فاقتحمهم ليجد ان المكان ساحة مسجد او مسيد او فناء لخلوة فيما يعتقد . قال فتقدم الى داخل المسجد.ليجد قارئ يتلو القران بصوت بديع . وبالداخل الوف من الناس كأنهم اعواد ثقاب تتراص في صندوق . ينصتون فقط ومن الزحام لا يرى الشيخ القارئ . قال فوقفت . زال وجع الجراح والكلم . انقطع عرقي وعلتني السكينة . قال بعدها بقليل تفرق الناس كإنفضاض قرية في يوم سوق . كانت الشمس تنخفص تجاه الغروب . قال غشى المكان صمت وظل سحابة لم تمطر وإنما ارسلت انساما باردة . ولحظت ان الارض اخضرت كأنها بساط يمتد من الافق .
واضاف فخرجت يعلوني الامان . ليلاحظ انه في طريق عودته يتصافح الناس كأنهم على إنصراف من مصلى عيد . يتعانقون . يقبلون جباه بعضهم . قلت واين من كانوا خلفك . قال لم اجد منهم فردا . قلت يا شيخ (الشفيع) انا لست عاليا في هذه الشروحات لكني أثق في نصاعة دواخلك ولعل الله يجري على رؤياك بشارة . قلتها بصدق ونفسي تعلو بالارتياح ..وليسالني الله عن كل حرف فيما رويت عن الراوي . نقلته كما هو
محمد حامد جمعة