رأي ومقالات

أعلى الأصوات في الثورة هو أخَفتُها في إدانة جرائم الجنجويد

هذه الحرب أوضحت بجلاء نجاح الدعم السريع في إختراق الأجسام الثورية وعقلية الكثير من شباب الثورة. سوى بعض الأصوات الشجاعة التي رأت إعتداء الجنجويد حرباً وجودية ضد السودان و شعبه ؛

ولم يكن لها مفاجئاً أن تتخذ المليشيا أرض السودان كبقعة كبيرة لفض الإعتصام ؛ يستخدمون ذات السياط و العصي و البنادق و جرائم التعذيب و القتل و الإغتصاب بما يشي أن هذا هو الشي الوحيد الذي يجيده الجنجويد إذا أُعطيت لهم الأوامر بالهجوم ؛ و أن إستهداف المواطن عندهم هو الأصل و ليس آثار الحرب الجانبية . إلا أنه ما زالت الأوساط الثورية و مشاهير أيقونات الثورة أكثر قبولا لسرديات الجنجويد و رؤيتهم عن الحرب و أشد تسامحاً مع جرائم الجنجويد لكنها لا تطيق أي يخطىء الجيش أقل خطأ.

اسبح في عالم السوشال ميديا و ستجد أعلى الأصوات في الثورة هو أخَفتُها في إدانة جرائم الجنجويد . ربما ترى بعضهم يردد “لا للحرب” ثم يتصرف و كأنّ ما يحدث هي حرب تاريخية انقضت أو هي حرب حديثة ؛ لكنها في دولة لاتينية نائية ! ؛ و في الأغلب يكون حظه هو الصمت و صفحته الشخصية شاهداً على دلائل الحيرة السياسية ؛ فهو يعلم أنه لا يستطيع مخالفة سطوة ديسمبر المؤيدة لحرب الجنجويد. حتى مجرد التوسع في نشر جرائم الجنجويد فهي خط أحمر لا تسمح به الثورة و لا الثوار.

كما يضج عالم الثورة بالقبول الشديد لما تفعله قحت من إستعداء الخارج على الجيش ؛ و تأليب الإقليم عليه لإضعافه و نزع سلاحه و كل ما من شأنه إضعافه و تحقيق الحصار عليه و تلويث صورته أمام العالم. مع أنه جماهير الثورة معبّأة لتجريم قحت على كثير من أخطائها التي لا تشمل التماهي مع حميدتي و مؤازرته حياً و ميتاً. بالأمس مرّت تصريحات القيادي في الحرية و التغيير محمد الفكي بأنهم لن يسمحون بتدمير المليشيا سلاما على هذه الاوساط ؛ وسط إندهاش كبير من المجتمع السوداني.

لا يحتاج الأمر إلى نباهة أن المليشيا إخترقت الوعي الثوري و “خدّرته” تماما في عدائه للجنجويد .

و ربما خرجت محاولات فاشلة بدائية لإدانة الجنجويد بعبارات باردة ميتة الكلمات ، فلا القصائد و لا الشعارات التي كانت تُقال لأتفه الأسباب أيام الثورة .

تماهي كثير من الأوساط و التنظيمات الثورية مع حرب المليشيا هو أحد الأسرار الكبيرة التي أذهلت الشعب ، و يجب العمل على كشف خيوطها الآن و بعد أن تضع الحرب أوزارها.

عمار عباس