لعناية أحمد طه.. “البعاتي” هو العائد من الموت بعد دفنه بثلاثة أيام
هل يعود الموتى إلى الحياة فعلاً ؟
هنالك موضوع غريب ومريب يشغل تفكيري منذ مدة من الزمن ، وهو موضوع ” البعاتي “.
وكل السودانيين يعرفون ما هو البعاتي ، وهو للتوضيح عودة الميت إلى الحياة بعد دفنه ،
شيء مريب صحيح ؟ لكنه حقيقي ، وهنالك الألاف القصص تحكي عن البعاتي ، وهنالك قبائل تمتاز بعودة موتاهم إلى الحياة بعد دفنهم ، لكن يتم نفيهم خوفاً من الفضيحة وصمة العار ، كالكثير من الناس كنت أنكر وبشدة موضوع عودة الميت إلى الحياة بعد دفنه ، لكن في صيف 2014 م انقلبت كل الموازين.
ففي ليلة حارة كنت أجلس أنا وزميلي في العمل بحكم عملنا في مطعم يقدم ثلاثة وجبات ، وكنا موكلين لتجهيز مكونات فطور الغد من تقطيع للخضار وهكذا أشياء ، وأثناء انشغالنا رن هاتف زميلي وأخبره المتصل أن أخيه دخل المستشفى في حالة سيئة ، ذهب صديقي مسرعاً ، وبحكم عشرتي الطويلة معه لم أتردد وذهبت معه ، وصلنا إلى المستشفى ووجدنا أن أخيه قد توفي ، أخذناه إلى منزلهم وتم غسله وتكفينه ومواراته الثرى ، وأشرفت أنا على غسلة وتكفينه ودفنه ، بل ووضعت الطوب على قبره ،
مرت الأيام وعاد صديقي إلى العمل وقد لاحظت أن هنالك شخص غريب يومياً يحضر اليه ويقوم زميلي بإعطائه كيس ! لا أعلم ما فيه طعام أم شئت أخر ، لم أعر الأمر أي اهتمام ، لكن في ليلة تم أرسال زميلي لجلب شيء يخص المطعم ، وحضر ذلك الشخص الغريب ملثم وجهه ولم يجد زميلي فارتبك ، فذهبت اليه مستفسراً ماذا يريد لأن المطعم مغلق ، لم ينطق وشككت فيه وشككت أنه لص ، وبحركة سريعة مني نزعت ما كان يغطي وجهه ، يا للهول ! لقد صُدمت وبقوة مما رأيت إنه أخ زميلي بعلامته المميزة من جرح قديم على جبهته ! وأصبحت أردد : لقد دفنتك بيدي ، لقد دفنتك بيدي !.
وفي تلك اللحظة حضر زميلي وعندما راى الموقف تراجع ثم ذهب و أخيه ذهب خلفه ،
وأصبحت : أرد دفنتك بيدي !.
حتي ذهب بي أهلي إلى أحد الشيوخ لرقيتي ، أتذكر أنني أصبت بحمي شديدة ، بعد الموقف
لم يحضر زميلي إلى العمل بل وما زالت ملابسه معلقة ، ذهب المدير إلى منزلهم للاستفسار عن سبب الغياب ، لكنه تفاجئ من الجيران عندما اخبروه بأن زميلي و أسرته قد باعوا المنزل وذهبوا إلى جهة غير معلومة.
إلى هنا انتهت القصة.
لكن اكتشفت بعد البحث أن هناك أناس لا يدفنون موتاهم بالسودان بل يصنعون لهم بيوت من قش لعلمهم أنهم سيرجعون .
هناك تعتيم شديد على هذا الموضوع ولا يعرفه من هو خارج السودان ، والان البعاعيت أنخرطوا في المدن والحياة العصرية.
وعندما يموت أحدهم ويعود إلى الحياة يتم نفيه بوضعه في القطار أو يصبح مشرد أو مجنون.
ملاحظة :
البعاتي : مشتق من كلمة بعث ، أي عندما يُبعث الميت من القبر ، وهو عودة الميت إلى الحياة بعد ثلاث ليالي من دفنه.
بقلم : ذي القرنين – شمال السودان
تاريخ النشر : 2020-07-26
نقلا عن موقع كابوس