كاتبة إماراتية: حتى لا يقتلك النقد!
السعي نحو النجاح، التألق، التميز، الإبداع، الاكتشاف وغيرها، كلها مفردات نمارسها ونجتهد فيها، يدفعنا الحماس والرغبة في الاجتهاد للعمل، وبين كل عمل وإبداع ومبادرة ننتظر الشكر والتقدير، ولكن ليس بالضرورة أن نلقى التكريم والإشادة في كل وقت.
البعض منا يعيد هذا الكلام ويكرره بصفة دورية بمعنى أنت تعمل لنفسك ولتطوير مهاراتك وقدراتك، فإذا حصلت على التكريم في حد ذاته أمر رائع وجميل، ولكن إذا تم تجاهلك فلا تجعل ذلك محط أنظارك واهتمامك.
من الطبيعي أن تتعرض للإحباط والمضايقات وقد يصيبك الكثير من الانهيارات والإخفاقات سواء في العمل أو في محيط الأسرة، إن عدم نجاحك أو عدم مقدرتك على تقديم منجز متميز، لا يعني التراجع والخوف والقلق، كلها أمور عادية ولا تستدعي كل هذه المشاعر السلبية، وكما قال مايك ديتكا: «طالما أنك تواصل المحاولة، فأنت لن تضل أبداً».
لا تحبط نفسك بانتظار التكريم والتقدير ولا تفتح الأبواب أمام النقد الذي قد يحبطك ويثبّط عزيمتك، إن النقد يعتبر أسهل وسيلة يمكن أن نستخدمها في حياتنا اليومية، قد تتفاجأ بقائمة طويلة من الأحداث والممارسات والمشاهد والكثير منها قد لا يعجبك ويثير سخطك، ولكن أن ندقق على التفاصيل، ونجعلها تحت المجهر، كل ذلك سوف يصيبنا بنوع من عدم الرضا، وتجعلنا نتجه لممارسة النقد الدائم، النقد الذي يمسّ جميع من يتعامل معنا، النقد الذي وجهناه نحو ذواتنا، ونحو أنفسنا، وصار النقد وسيلة نتوقف عندها بشكل يومي، نعدد فيها ممارساتنا وعيوبنا وسقطاتنا..
والأصعب أن البعض يقلل من إنجازاته وإنجازات الناس من حوله، فلا تفرح لتخرج أقرب الناس لك، ولا تحتفل بفرحة زميل لك لنيله الدكتوراه بحجة أنه لم يأتِ بشيء جديد، أو لا تعمل حفلة صغيرة لطفلك بمناسبة تفوقه في مادة معينة لأنها لا تشكل لك شيئاً، ولم تفرح لشقيقتك لأنها أخذت رخصة القيادة..
كل تلك الإنجازات في نظر البعض لا قيمة لها، وليس فقط، بل البعض قد يتجاوز ويثير التهكم والرفض والاستهجان محاولاً التقليل من براعة الناس من حوله، النقد لدينا موجع جدا، ومؤلم، وقاسٍ، ويمارس في غير محله وبطريقة عشوائية ودون وقت ولا زمان ولا مكان، ننتقد في كل مكان في الاجتماعات، وبين الناس وأحيانا في المناسبات والاحتفالات وفي التجمعات العائلية وبين جلسات الأصدقاء، بل قد يتحول النقد إلى وسيلة تنمّر يمارسها البعض ضحكا واستهزاء وقد لا تخدم بل تحطم وتوجع، وقد تسبب انهياراً بكل ما تعنيه الكلمة.
أعتقد أن النقد وجد حتى يكون دوره في التقويم والاستدلال بواسطته على العيوب، بل وإظهار التفرد والنجاح، وليس إظهاراً للعيوب والسقطات، هذه الممارسة أصبحت موجودة معنا في المنزل والمدرسة والعمل، المدير يمارس النقد ضد موظفيه، الأم تمارس النقد ضد أطفالها، المعلم يمارس النقد وقد يستهزئ بأحد طلابه عندما يحاول تقديم فكرة مختلفة بل قد نشاهد النقد في الشارع، وقد نسمعه في الأسواق ومواقع التواصل الاجتماعي في كل الحالات.. لنترفق بأنفسنا وبالآخرين حتى لا يقتلنا النقد.
فاطمة المزروعي – صحيفة البيان