رأي ومقالات

دبلوماسية (المواجهة والصراحة): قمة الرياض وزيارة كينيا

مشاركة البرهان في أعمال القمة السعودية الأفريقية إلى جانب عدد من الرؤساء و رؤساء الحكومات و المنظمات الإقليمية الأفريقية ، و التي التأمت في الرياض يوم الجمعة 10 نوفمبر الجاري ، و الزيارة التي قام بها يوم أمس الإثنين إلى كينيا و الزيارات اللاحقة لها تعتبر نقلة مهمة في الدبلوماسية الرئاسية و يمكن أن نسميها : ( دبلوماسية المواجهة و الصراحة ) و قد جاء خطابه أمام القمة كتعبير واضح عن ذلك النوع من الدبلوماسية الذي سينتهجه السودان في مواجهة الحرب التي يتعرض لها و تهدد كيانه و وجوده كدولة .

خطاب البرهان تناول تطورات الأوضاع في السودان بعد تمرد مليشيا الدعم السريع الإرهابية – كما أسماها – و دخولها في حرب مواجهة مع الشعب و الجيش السوداني و تطرق كذلك للإنتهاكات الكثيرة و الفظيعة التي قامت بها في حق المواطنين و الوطن .

و لأن الخطاب جاء في مؤتمر يشارك فيه القادة الأفارقة فقد اختار البرهان أن يوجه إليهم رسائله بصورة مباشرة فذكر أن المليشيا المتمردة استعانت بمرتزقة من : ليبيا – سوريا – اليمن – جنوب السودان – النيجر – مالي – تشاد – أفريقيا الوسطى

و أضاف أنه و بكل أسف فإن هذه المجموعات الإرهابية تجد المساندة من بعض دول المحيط الإقليمي و الدولي مما يعني شراكة هذه الدول في المآسي التي يتعرض لها الشعب السوداني ، و لم يغفل الخطاب الإشارة إلى المجموعات السياسية الداعمة للمليشيا .
خطاب البرهان الذي قوبل بإرتياح في أوساط الرأي العام السوداني يبدو أنه مهد الطريق إلى زيارة كينيا و الزيارات اللاحقة لعدد من الدول الأفريقية التي لها علاقة مباشرة بالحرب في السودان .

زيارة كينيا تعتبر مهمة لعدة أسباب من أبرزها :
– كينيا كانت هي المحطة الأولى التي انطلق منها نشاط مجموعة ( قحت ) الجناح السياسي للمليشيا برعاية مباشرة من الرئيس وليام روتو .
– كينيا قامت باستضافة نائب زعيم المليشيا الهارب المفروضة عليه عقوبات دولية و عدد من قادتها .
– الرئيس الكيني وليام روتو متهم بأن له شراكات تجارية مع زعيم المليشيا و يقال أنه تلقى دعما ماليا منه لحملته الإنتخابية .

– روتو يترأس الآلية الرباعية للإيقاد المعنية بالأزمة السودانية و قد صدرت عنه في عدة مواقف تصريحات متطرفة معادية مما دفع السودان لرفض رئاسته للآلية .

و على عكس اللغة الدبلوماسية التي جاءت في البيان المشترك الذي صدر عن لقاء نيروبي و عطفا على ما جاء في خطابه أمام قمة الرياض فإنني أتوقع أن يكون الإجتماع بين الطرفين قد جاء صريحا و شفافا ، حيث من المتوقع أن يكون البرهان و وفده قد تطرقوا أثناء الإجتماع المشترك بوضوح و مواجهة بالأدلة للدور السالب لروتو و إنحيازه التام للمليشيا و جناحها السياسي و تصريحاته المعادية ، و بالضرورة سيكون قد طلب منه تصحيح مواقفه الخاطئة في حق دولة و حكومة السودان الأمر الذي نترقب نتائجه في الأيام القادمة .

حسب ما هو معلن فإن زيارة مماثلة سيقوم بها البرهان إلى أثيوبيا التي لا يختلف موقف رئيس حكومتها آبي أحمد عن موقف صديقه وليام روتو و لذلك يتوقع أن تحدث معه ذات المواجهة .

أما الزيارة الثالثة فهي ستكون لدولة جنوب السودان التي يقف رئيسها سلفاكير موقفا إيجابيا تجاه الحرب التي تتعرض لها بلادنا رغم مشاركة قوات تابعة لمستشاره للأمن القومي توت قلواك في القتال كمرتزقة إلى جانب المليشيا و هذا ما يتطلب أن يبلغ به البرهان سلفاكير بصورة رسمية .

أما الزيارة الرابعة فمن المتوقع أن تكون إلى دولة تشاد و سيكون عنوانها هو :
أوقفوا تدفق السلاح و العتاد عبر مطار أم جرس و أمنعوا تجنيد المرتزقة من بلدكم و مرورهم من بلدان غرب أفريقيا عبر حدودكم للقتال إلى جانب المليشيا .
زيارات البرهان و وفده يجب توصل رسالة واضحة لهذه الدول :
أمن السودان و استقراره هو أمن و استقرار لبلادكم و زعزعة أمنه و استقراره تعني بالضرورة زعزعة أمنكم و استقراركم .

(دبلوماسية المواجهة و الصراحة) هي الأجدى في التعامل مع أطراف و شركاء المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها بلادنا .
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
14 نوفمبر 2023