🔴 نورالدين صلاح يكتب عن الشهيد محمد شاويش: الانسان المتسق هو من يتبع قوله بالفعل
وهكذا كانت سيرة الشهيد باشمهندس محمد شاويش …
عندما كان شاويش يقول أن غداً موكب فهو الحاضر مع شروق شمس اليوم التالي ..
وعندما يقول غداً اضراب فهو أول المستعدين لدفع تكاليف الموقف وتبعاته ..
وعندما يستدعي الحال بالصدع بكلمة الحق فهو المتمثل لمقولة ” قل ما تشاء .. كن ما تقل ” ..
والآن وقد لقي ربه شهيداً فقد استوفى جميع اشتراطات الصدق مع النفس والاتساق مع الذات.
**
شاويش فقدٌ عظيم لجيل ديسمبر المجيدة، أعطى لها وما استبقى شيئاً .. كان أفضل من التزم بأن الثورة نقابة ولجنة حي، لم يكتفي بأن يكون في طليعة مواكبها اسقاطاً للنظام ورفضاً للانقلاب، بل كان النموذج للقائد في محيط سكنه وفي مقر عمله فكان دوماً حامل الراية بحثاً عن مصالح من يمثلهم ومنافحاً عن حقوق من قدموه عنهم.. ودوماً كأن يؤدي الأمانة كما يجب أن تكون وكأفضل ما يجب.
***
شاويش ممن تنطبق عليهم مقولة ” ربح البيع ” وفعلاً ما بارت تجارته يوماً .. تعرض للتضييق والتخويف فكان بطلاً صامداً.. وقاد الاضرابات المهنية ودفع ثمنها فصلاً وفقداً للوظيفة فكان الفخور بنفسه والمعتز بموقفه.
عندما نفقد شاويش نفقد علماً في مجاله المهني كمهندس بترول، ونفقد علامةً متبحراً في المعرفة مسنوداً بمؤهلاته الأكاديمية، ونفقد نقابياً باذخاً على مستوى التنظير والتطبيق، وقبل ذلك نفقد انساناً نبيلاً وأخاً عزيزاً وسمتاً في الرقي والتهذيب الانساني.
****
كان خيار شاويش هو الاصطفاف مع الدولة ومؤسساتها في مواجهة مشروع تسييلها واذابتها والقضاء عليها، اختار خياره بهدوء حاملاً السلاح متطوعاً في القوات المسلحة .. لم يزايد على أحد .. ولم يخوّن كياناً أو جهة، وكان يقول هو تباين أدوات وليس اختلاف غايات محتفظاً بمساحات الود والاحترام والمحبة في أكثر لحظات التاريخ مفصلية .. وتحمل بكل نبل عديد السهام من رفقاء درب يعلمون كنهه وتاريخه ووطنيته فكان فعلاً كبير القوم فهماً وإن كان صغيرهم سناً.
*****
استشهد جاويش في مواجهات أمس الأول بين الجيش ومليشيا الدعم السريع .. وذهب راضياً بقناعاته ومرضياً عنه من كل من حوله فقد كان البار بأهله وذويه، والصديق الصدوق لأترابه وزملائه، والمهني الكفء لرؤسائه ومرؤسيه، وكان خير ثائر منحازاً دوماً للحق والخير والانسانية.
اللهم ارحم شاويش وتقبله القبول الحسن واقعده في مقاعد الصدق وانزل سكينةً على اسرته وزملائه وكل معارفه الذين آلمهم هذا الرحبل والفقد الجلل.
لله ما أعطى ولله ما أخذ..
إنا لله وإنا إليه راجعون.
نورالدين صلاح