عزمي عبد الرازق: بلغني خبر استشهادك يا ابن عمي، وأنا في أطهر بقعة
بلغني خبر استشهادك يا ابن عمي، وأنا في أطهر بقعة، قمت وتوضأت وصليت ودعوت لك، حبست أدمعي لأن البكاء على الفوارس عار، ثم رأيت وجهك البشوش يزين الأماكن كلها، وتذكرتك في صلاة العيد بجلبابك الأبيض وابتسامتك البيضاء وقلبك شديد البياض، أو في الطريق إلى المسجد، حين تبادر بالسلام، كل من تلقاه، وكنت في زيارتي الأخيرة لمدينة بورتسودان سألت عنك، قالوا لي الملازم أول بحري سامي المبارك في الخطوط الأمامية، وهو مكانك بالضبط، ويليق بك الدفاع عن بلدك وأهلك وشرفك العسكري، وأعرف أنك من ثلة كريمة، وغرس طيب يمتاز بالشجاعة والإقدام، كل الذين عرفوك استشعروا فيك ذلك الكرم الفياض والشهامة، رغم صغر سنك، عرفت بالتفاني وخدمة الناس، ومثل ما تردد عماتك وخالاتك ” لو لزوك في النار ما بترفض” كناية عن همتك العالية، تخلقت بأخلاق الكبار، ذُؤابةُ بين أهلك وزملاءك في البحرية، ولذلك كنت ضمن مجموعة من الفرسان في جبل أوليا كسرت أول موجات هجوم المتمردين، يوم الإثنين ١٣ نوفمبر، إلى جانب الشهيد الرائد البحري عادل خير الله السماني، عليه الرحمة والنور، قاتلت راجلأً قتال الأبطال، يدك على الزناد، وعينك على الهدف، واستقبلت الموت بثبات مُقبل غير مُدبر، مثل جليبيب الأنصاري حين افتقده النبي محمد صل الله عليه وسلم بعد المعركة، فوجده قتل سبعة من المشركين قبل أن يقتلوه، وقال هو مني. ولو كنت تعلم فالشهادة شرف لا يناله أي أحد، يصطفي الله له أخيار الناس “وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” ثم يؤتي بالبقية بعد ذلك للحساب، والشهداء هنا اختلف حولها المفسرون هل هم أمة محمد، أم الذين لقوا ربهم شهداء، لكنها على كل حال منزلة رفيعة، أكرمك الله بها أخي الملازم أول بحري سامي مبارك الضوء البشير، لتصبح بذلك أول شهداء معركة الكرامة في قرية مكركا، تفاخر بك وتدعو الله لك بالرحمة والقبول وأن يثبتك بالقول الثابت ويرفع درجتك، ويلهم أهلك الصبر الجميل، وأن ينصر جيشنا، ويرينا في المجرمين المغتصبين يوماً أسودا كيوم عاد وثمود، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله
عزمي عبد الرازق