🔴 عملية سياسية شاملة، لا تستثني سوى المؤتمر الوطني وواجهاته

عنوان هذا المقال، هو الوصفة التي تقدمها قوى الحرية والتغيير لحل الأزمة السودانية بمافي ذلك أزمة الحرب. هذا الحل كتبته قحت في بيانها الختامي لاجتماعاتها في القاهرة وفي أديس أبابا وفي بيان اجتماعها مع مبعوثي وسفراء الإتحاد الأوروبي في مصر. سوف نركز في هذا المقال على الإستثناء الوارد في الحل ومع ذلك الإدعاء أنه حل شامل؟ ماذا يعني ذلك؟ ماهو المعيار الذي حدد به هذا الإستثناء؟ ماهي المشروعية والصلاحية لإصداره؟ لماذا تم إصداره؟ النتائج المتوقعة؟ وأخيرا نقدم الوصفة الوطنية المقابلة.
*المعنى*
تعني هذه المقولة فيما تغني:
1/ أن الإقصاء لايشمل الدعم السريع رغم جرائمه وتمرده العسكري لكنها ليست كافية لإقصاءه.
2/ وتعني أيضا أن فشل قحت المركزي في الحكم وطردها بواسطة الثوار في باشدار وفي محطة سبعة والكلاكلة واتهام قادة لجان المقاومة لها بالعمالة وبمساندة التمرد، ليست كافية لتجعلها تعترف بالآخر وتجلس معه. بل ماتزال تدعي أحقيتها في احتكار هندسة العملية السياسية وحدها.
3/ وتعني فيما تعني أن مرور خمسة أعوام من عمر الفترة الإنتقالية من التيه والضلال والفشل والحرب والإقصاء والعمالة، لم تتعلم قحت المركزي فيها شيئا.
4/ وأخيرا تعني الكذب والتضليل بإدعاء الشمول، بينما هي عملية إقصاء لفئة كبيرة ومؤثرة. اختلافنا السياسي معها لا يحرمها من حقها القانوني والدستوري.
هذه المعاني تدل على أن قحت لاتزال، تقدم ذات الشخوص (سلك، وجدي، طه، الفكي، حمدوك)، وترفع ذات الشعارات (الإقصاء)، وتقدم ذات البرنامج (تفكيك الجيش، الشرطة، القضاء، الخدمة المدنية). الشيء الوحيد الذي تغيير هو الاسم الجديد الذي تتنقل به بين العواصم العالمية من نيروبي الى أديس أبابا الى القاهرة، بأجندة ومال الكفيل.
*المعيار*
1/ إن كان معيار هذا الإقصاء هو ارتكاب الجرائم فان جرائم الدعم السريع لانظير لها في التاريخ إلا التتار.
2/ وان كان المعيار هو الفشل التنفيذي والسياسي للحكومة، فان فشل حكومات حمدوك الموثق بالأرقام جعل الشعب السوداني يترحم على أيام البشير وجعل الثوار يبكون بدموع الندم على مشاركتهم في الثورة نفسها.
3/ وان كان المعيار هو الثورة الجماهيرية ضد الحكومة ورموزها، فدونكم باشدار و محطة سبعة ومسجد ودنوباي والكلاكلة و طرد كل من عرمان وسلك والصديق وابراهيم الشيخ وحمدوك نفسه.
4/ وان كان المعيار هو الإدانة فقد برأت المحكمة العليا كل قيادات المؤتمر الوطني الذي تريد قحت اقصاءه، مقابل إدانة وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخزانة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا والقبائل السودانية والأحزاب وقادة الرأي العام … الخ، جميعهم أدانوا الدعم السريع على الجرائم الجنائية البشعة التي ارتكبها، كما أدان الرأي العام، قحت بتهمة الشراكة الجنائية مع التمرد.
5/ وان كان المعيار هو العمالة فان قحت وحدها وحصريا هي المسؤولة عن إضافة مفردات العمالة الى القاموس السياسي، ماسبقها عليه أحد في العالم، على شاكلة: (مسيرانا السفارات، ونذهب إليها سفارة سفارة، وأن اتهام العمالة موضة قديمة ماجاب حقوا واللعب بقي بالمكشوف، ووقعنا كراعنا فوق رقبتنا، والعالم بيساعدنا بما يحقق مصالحه) … الخ.
*التفويض*
ولكن من هو صاحب التفويض والوصاية الذي يحق له وحده، أن يهندس العملبة السياسية وحدة، و يحدد الأطراف المشاركة فيها، وحدة، ويمنع الأطراف الأخرى عن المشاركة، وحده، ويجدد تمديد الفترة الإنتقالية بلا سقف، وحده، ويعطل المحكمة الدستورية وحده، ويعطل قيام الإنتخابات، وحده، ويمنح الشرعية أو اللامشروعية للأحزاب، وحده، يكتب الوثيقة الدستورية الاولى وحده، ثم الثانية ثم المعدلة ثم المزورة ثم يتركها ليستبدلها بدستور المحامين ثم يصنع الاتفاق الإطاري، وحده. ثم مايزال يريد أن يحتكر هندسة العملية السياسية في المستقبل، وحده. كل ذلك بلا تفويض بلا انتخابات. فقط لأنه يجتمع في العواصم العالمية يجتمع بالمبعوثين وبالسفراء ثم يتلوا البيانات الختامية.
*لماذا؟*
رغم أن قحت تدري الى حد اليقين، استحالة تطبيق هذه الوصفة، لا في الماضي (نموذج حل الحزب الشيوعي أدى الى انقلاب النميري) ولا في الحاضر (إقصاء المؤتمر الوطني أدى الى فشل الفترة الإنتقالية)، ولا في المستقبل. رغم أن قحت تدري الى حد القناعة، خطورة الإقصاء السياسي وأثره على تدمير الإستقرار السياسي وافشال تجارب الحكم. ومع ذلك تصر إصرار العمى، على الاستمرار فيه وكأنها لم تضع 5 سنوات، سُدى، من تاريخ السودان، انتهت بالحرب.
ولكن لماذا؟ السبب لأنها تعلم علم اليقين انفضاض الجماهير عنها ولأنها تعاني من عقدة الاتهام بسرقة الثورة والمتاجرة بها تحت راية الدعم السريع وتحت حماية التدخل الدولي.
لذا فهي مسيرة من الخارج وليست مخيرة في أمر الداخل.
*النتائج المتوقعة عن تكرار تجربة الإقصاء*
وبما أن هذا الإقصاء السياسي دوافعه تصفية الحسابات السياسية. وبما أن الإقصاء السياسي هو استخدام عنف وسلطة الدولة لانتهاك الحقوق المدنية للآخرين تحت أي مبرر كان. إذاً فان هذه الممارسة وحدها تعطي الآخر الدافع النفسي والمبرر القانوني والأخلاقي للإعتراض، وللمعارضة وللمطالبة وللإحتجاج وللدفاع عن حقوقه المسلوبة، وبالتالي تكون النتيجة: تعكيير الحياة الاجتماعية والسياسية أي تمزيق النسيج الاجتماعي وبث الكراهية واعاقة التجربة السياسية. تكون المحصلة هي تدمر أي توجه نحو المصالحة الوطنية وبالتالي زيادة تأزيم الأزمة السياسية، نسف الاستقرار السياسي. إنتشار العنف. اندلاع الحرب.
*الرأي الوطني*
الرأي الوطني هو
لا تفويض لقحت،
لا إقصاء لأي أحد إلا الدعم السريع بسبب الجرائم التي ارتكبها،
ضرورة مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية،
ضرورة مشاركة القوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية،
فترة انتقالية غير حزبية محددة المهام
قيام الانتخابات حرة ونزيهة.
عبر عن هذا الرأي الوطني مجموعة من الوطنيين وأصحاب الرأي والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. نذكر كل من د. محمد جلال هاشم ، بروف علي ابراهيم، د. الوليد مادبو، الروائي العالمي عبدالعزيز بركة ساكن، الصحفي محمد محمد خير، كتلة السلام، الكتلة الديمقراطية، قوى الحراك الوطني، الجبهة الوطنية، تنسيقية العودة لمنصة التأسيس، كتلة التراضي الوطني، الإدارة الأهلية، الطرق الصوفية، مبادرة الطيب الجد، الهيئة الشعبية لدعم القوات المسلحة… الخ.
*خاتمة*
قدمنا في هذا المقال وصفتان لمعالجة الأزمة الوطنية.
الاولى وصفة تمثل المصالح الخارجية تتبناها قحت من منصة العواصم العالمية وهي وصفة مجربة وفاشلة داخليا وخارجيا ولا ينتج منها إلا الحرب.
الوصفة الثانية وهي وصفة وطنية تتبناها شخصيات وطنية ذات ارث وثقل معرفي كبير وذات ثقل اجتماعي وسياسي كبير وذات تجربة عملية ونظرية واسعة، لا تحركها المصالح الشخصية دافعها الاساسي هو التعافي الوطني العام. يشترك معها في تبني هذه الوصفة طيف واسع من التكتلات الحزبية والقوى المجتمعية الواسعة التمثيل. والله ولي التوفيق.
بقلم د. محمد عثمان عوض الله