رأي ومقالات

شبح الأناركية الاقطاعية

من الأخطاء الشائعة الربط الحتمي بين الأناركية(اللاسلطوية واحيانا تترجم خطا للفوضوية) والتقدم نحو الأشتراكية والعدالة. إذ أن الأنركية فلسفة مفتوحة يتبناها يمين متطرف كما يتبناها يسار جذري بمحتوي مختلف جذريا.

علي سبيل المثال الرئس الأرجنتيني الذي فاز في الأنتخابات قبل بضعة أيام – خافيير مايلي- يميني متطرف في أناركيته الراسمالية.

جوهر الأناركية أنها فلسفة سياسية ترفض سلطة الدولة وتسلسلاتها الهرمية غير العادلة،وتدعو إلى مجتمعات من دون دولة.

الأناركية الرأسمالية تدعو إلى إزالة الحكومة أو الدولة وإحلال سوق حر تماما مكانها – أي تحويل سلطة الدولة إلي الشركات والراسمال. حيث يتم تحويل أجهزة الشرطة والقضاء والجيش وجميع أجهزة الأمن والسلامة إلي شركات خاصة، تتنافس فيما بينها ، وليس كجهات حكومية ممولة من ضرائب يدفعها الشعب. بافتراض أن قوانين السوق الحر -عكس قوانين الحكومات- ستعمل على إيصال المجتمع ليوتوبيا المجتمع الكامل.

في الطرف الاخر هناك مدار س الأناركية الشيوعية والاشتراكية والسيندكالية التي تدعو لإسقاط الدولة، واسقاط علاقات السوق، والملكية الخاصة، والرأسمالية لصالح الملكية العامة لوسائل الإنتاج، والديمقراطية المباشرة، وشبكة أفقية من الجمعيات التطوعية والمجالس العمالية مع توجيه الإنتاج والاستهلاك وفقا لمبدأ مقارب لشعار “من كل وفقا لقدرته، إلى كل وفقا لحاجته”.

في هذا النوع الاشتراكي من مدار س الأناركية يتم تحويل السلطة من الدولة والراسمال إلي مجتمع ديمقراطي بملكية جماعية لادوات الأنتاج وللقرار الذي يتم الوصول إليه باليات ديمقراطية مباشرة او شبه مباشرة.

في أعقاب اندلاع الحرب السودانية، أظهر الكثير من ا الرائعين الذين أحترمهم عداءًا كبيرًا للدولة السودانية، فطالبوا إما بتدميرها أو لم يمانعوا في رؤية جماعات أخري تدمرها نيابة عنهم.
وإنني أشارك هؤلاء تحفظاتهم بشأن التجاوزات الموثقة للدولة السودانية، حيث كنت أحد منتقديها المستمرين على مدى عقود. لكنني اختلف معهم في جانب واحد مهم وهو أن الهدف في هذه المرحلة التاريخية هو إصلاح الدولة السودانية ودمقرطتها وليس تدميرها وأن دمقرطة الدولة القائمة هي الطريقة الواقعية الوحيدة المتاحة لأنه إذا دمرت الدولة فلا يمكن إعادة بنائها في أي سودان نعرفه الآن كجغرافيا.

ما أفهمه هو أن جهاز الدولة إذا دمر بالكامل، فلن يحل محله نظام اشتراكي أو ليبرالي لأنه لا توجد كتلة اشتراكية جاهزة لملء الفراغ الذي سينتج عن انهيار الدولة. وسيملأ هكذا فراغ – ناجم عن سقوط الدولة – الإقطاعيون البدائيون الممولون من الخارج والميليشيات المسلحة والعملاء والعصابات التي تتظاهر بأنها أحزاب وحركات سياسية. أضف إلي ذلك أن دول الجوار وغيرها ستلتهم أهم أجزاء السودان.

معتصم اقرع