“المرابطون”.. ماذا وراء المعجزة الموريتانية في أمم أفريقيا؟
تمكن الفريق الموريتاني لكرة القدم من تحقيق المفاجأة في كأس أمم أفريقيا، الجارية فعالياتها في ساحل العاج، بتأهل تاريخي للدور الثاني، إثر فوزه على منتخب الجزائر بهدف وقعه، محمد ديلاهي يالي.
“المرابطون” تأهلوا للدور ثمن النهائي، كأحد أفضل 4 منتخبات حلت في المركز الثالث، في المجموعات الست، وهي نتيجة لمسار طويل من العمل وفق محللين رياضيين.
بدأت مسيرة الفريق الموريتاني مع أول تأهل لهم للمنافسة القارية سنة 2019، التي أقيمت بمصر وتوج بها منتخب الجزائر، ثم نسخة الكاميرون التي نظمت سنة 2022.
وفي كلتا النسختين لم يتمكن “المرابطون” من تحقيق التأهل واكتفوا بالمشاركة وتحصيل مزيد من الخبرة، في منافسة تضم كبار المنتخبات الأفريقية على غرار منتخب مصر والمغرب والسنغال، صاحب اللقب، وعدة فرق أخرى.
بحكم عدم مشاركتهم كثيرا في النسخ السابقة لكأس أمم أفريقيا، يعد “المرابطون” فريقا مبهما لكثير من المتتبعين لشؤون الكرة، بينما لا يستقطب الدوري المحلي الكثير من المتابعين، لكن الإعلامي والمحلل الرياضي الموريتاني، عماد أحمد بابا، يقول إن البداية الحقيقة للكرة الموريتانية على الصعيد الوطني بدأت في عام 2011، إثر انتخاب المكتب المسير الحالي.
في حديث لموقع الحرة، لفت بابا إلى أن الانطلاقة الحقيقة للكرة الموريتانية بدأت يوم انتخب أعضاء اتحاد الكرة الحالي، الذي يرأسه، محمد ولد يحيى.
وقال “بعد انتخاب المكتب المسير للاتحاد، بدأ مشروع إخراج الكرة الموريتانية للعالم، وهي التي كانت تعاني من عدة مشاكل”.
وبحسب المتحدث، عانى اتحاد الكرة المحلي من عدة مشاكل بسبب تراكم طلبات عدم إشراكه في المنافسات، حيث كان الهدف خلال تلك السنوات (2011 ما بعد) هو رفع تلك العقوبات ثم إنشاء فريق قوي يخوض المنافسات ممثلا لموريتانيا في المحافل الرياضية الإقليمية والدولية.
في 2013 سجلت موريتانيا أول حضور لها في منافسة قارية، وكان ذلك عندما تأهل فريقها المحلي، لنهائيات كأس أمم أفريقيا للفرق المحلية، التي أقيمت في جنوب أفريقيا.
“تلك السنة شهدت الدخول الرسمي التدريجي للكرة الموريتانية للمحافل القارية” وفق ما قال بابا.
يذكر أن الفريق الموريتاني “المحترف” حقق التأهل لنهائيات أمم أفريقيا لأول مرة في تاريخه سنة 2019، وكانت تلك سابقة منذ تأسيسه في ستينيات القرن الماضي.
خلال تلك النسخة، خرج “المرابطون” من الدور الأول بعد أن تذيّلوا ترتيب المجموعة الخامسة، بعد تعادل وحيد وخسارتين، خلف كل من مالي وتونس وأنغولا.
وفي نسخة 2022، لم يتمكن الفريق الموريتاني أيضا من تجاوز دور المجموعات، وغادر مبكرا الكاميرون التي نظمت نهائيات الكأس الأفريقية، بعد خسارة لقاءاته أمام غاميا وتونس ومالي.
بعدها، عمد الاتحاد المحلي لكرة القدم، إلى دعم الفريق الوطني بلاعبين محترفين، وفق ما أكد بابا، لتنضمّ للمنتخب، عناصر شابة، ساهمت بقسط كبير في تطوير آداء المنتخب الموريتاني -الذي اتفق محللون على أنه قيد التطور بشكل سريع_ وهو ما ظهر من خلال أداء الفريق خلال النسخة الحالية بساحل العاج.
ويضم الفريق الموريتاني أسماء لامعة مثل، أبوبكر كوياتا، هداف الدوري البلجيكي، حمي الطنجي، لاعب نادي الأهلي الليبي، وأبوبكر كامارا، الذي ينشط في صفوف نادي الجزيرة الإماراتي.
بالحديث عن التشكيلة الموريتانية، وتمكنها من التأهل لثمن النهائي، قالت الإعلامية المختصة في المنتخب، آمنة محمد مصطفى، إن “هذا الحدث يشكل قفزة للكرة الوطنية”.
وفي اتصال مع موقع الحرة، أوضحت مصطفى أن التمكن من تجاوز دور المجموعات بعد ثلاث مشاركات يعتبر نجاحا للفريق الوطني.
وقالت إن المشاركة الأولى في مصر كانت ناجحة، رغم أن الفريق لم يتمكن من التأهل للدور الثاني، بينما وصفت المشاركة في نهائيات الكاميرون بـ”المخيبة”.
وردت مصطفى تلك “الخيبة” وفق وصفها لكون الفريق كان يعيش مرحلة انتقالية، خصوصا خلال فترة جائحة كورونا، التي كبحت جهود النهوض بالكرة في بلادها.
مصطفى شددت على أن تأهل “المرابوطن” في النهائيات الحالية جاء إثر “تراكم التجارب والعمل الذي قدمته الاتحادية الموريتانية لكرة القدم”.
ذات الإعلامية المتواجدة في ساحل العاج، بالقرب من الفريق الموريتاني، قالت إن كل شيء يتيغر للأحسن في الكرة الموريتانية، لافتة إلى الجهود المبذولة في الدوري وحتى “الطموح الذي يسود في صفوف المنتخب”.
وفي النسخة الحالية لأمم أفريقيا، انهزم “المرابطون” في الرمق الأخير أمام بوركينا فاسو، كما لم يتمكنوا من الفوز أمام أنغولا، التي هزمتهم بثلاثة أهداف مقابل هدفين ، لكنهم حققوا فوزا تاريخيا أمام الجزائر، التي كانت من بين الفرق المرشحة لنيل اللقب.
وهذا هو الفوز الأول لـ”المرابطون” في نهائيات أفريقيا للأمم، وفوزهم الأول أيضا على الجزائر بعد 11 مباراة جمعتهما.
وقال مدرب موريتانيا، أمير عبدو، في تصريحات تلفزيونية، إثر نهاية اللقاء، “آمنا بأنفسنا وحققنا ما أردناه.. فخور بما حققه اللاعبون، ما حققناه حتى الآن يعد إنجازا”.
وتتفق مصطفى مع تصريحات عبدو، حيث تقول إن الإنجاز الذي حققه المرابطون جاء بعد عمل مضنٍ، وسعي جماعي، تضافرت خلاله الجهود وظهر في صورة تأهل تاريخي قد يعد بتحقيق إنجازات أخرى.
من جانبه، لفت عماد أحمد بابا، إلى أن تحقيق هذا التأهل التاريخي، كان تحدٍ وضعه المدرب لنفسه، ووضعه اللاعبون لأنفسهم، بينما ركزت مصطفى على روح الإصرار التي يتمتع بها اللاعبون، قائلة “أنا كنت شاهدة على خيبة الخسارة الأولى والثانية لكنني شاهدت أيضا إصرار اللاعبين على التأهل”.
وفي تعليقه على الإنجاز التاريخي الذي حققه “المرابطون” قال المحلل الرياضي السعودي، أسامة النعيمة، إن إخراج منتخب بحجم الجزائر من المنافسة يعد مفاجأة كبيرة، ويدل على أن منتخب موريتانيا، فريق صاعد، يعد بالكثير.
وأضاف في حديث لموقع الحرة “أتوقع أن يؤدي الفريق آداء رائعا في المقابلات اللاحقة”.
النعيمة، ذهب بعيدا ليقول “أتوقع أن نرى المنتخب الموريتاني في مباراة نصف النهائي، بالنظر إلى الفنيات والاستماتة التي أظهرها لاعبوه”.
وتذهب موريتانيا إلى أبيدجان لملاقاة أحد أبرز مفاجآت البطولة، الرأس الأخضر، في ملعب فيليكس أوفويت-بوانيي في 29 يناير.
الحرة