إبراهيم عثمان: تجار المواقف
▪️ عندما قام حميدتي بتوزيع الهدايا على رجال الإدارة الأهلية اشترك حلفاؤه الحاليين مع عامة الناس في الحكم على ذلك بأنه محاولة مدانة لشراء ولائهم، لكن بعد تمرده انقلب موقفهم إلى النقيض ، فقد سلم من انتقادهم رجال الإدارة الأهلية الذين نجحت الهدايا في شراء ولائهم، وأعلنوا وقوفهم مع التمرد، واشتراكهم فيه، أما الذين لم تفلح الهدايا في شراء ولائهم وقالوا ( لا للتمرد ) ودعموا الجيش فقد انتقدوهم واتهموهم بالعمل على تحويل الحرب إلى حرب قبلية !
▪️ كذلك سلِم د . محمد جلال هاشم من انتقاداتهم عندما قال : ( أنا ما شابف غير ما أسميته سيناريو شرق إفريقيا : حركة مسلحة تجتاح العاصمة، من جيشها يحي الحيش الجديد، من جيشها يجي الأمن الجديد، من جيشها يجي البوليس الجديد، مع من يتحالف معها من هذه القوات، لأنو ما كل هذه القوات فاسدة، فيها وطنيين كتار ). وسلم من انتقاداتهم عندما قال : ( ما لم يتم تفكيك الدولة الدينية حنفكك السودان طوبة طوبة ولن تقوم له قائمة ). لكنهم أسرفوا في انتقاده عندما قال : لا لحدوث كل هذا بواسطة الدعم السريع !
بلا تفتيش ضمائر وبلا محاكمة نوايا وبالاستناد على هذه المواقف الواضحة ودلالاتها يمكننا أن نستنتج :
▪️أن اعتراض حلفاء حميدتي على شراء الولاءات لا يرتبط بمبدأ وإنما بمصلحة، وعندما تلتقي مصلحتهم مع مصلحة الشاري لا يمانعون في بيع الولاء والمواقف بمقابل مادي أو مادي وسياسي .
▪️أنهم لا يستطيعون إقناع الناس بأن الدول والمنظمات الغربية ملائكة وأن إنفاقها على أنشطة الأحزاب بعيدة عن فكرة شراء الولاء .
▪️أنهم الآن ينظرون إلى رجال الإدارة الأهلية الذين لم تنجح الهدايا في شراء ولائهم ( كأعداء )، وإلى من نجحت في شراء ولائهم ( كزملاء ) !
▪️أن حميدتي قد تأخر، بسبب حسابات تخصه، في شراء ولائهم، وقام به في الشهور التي سبقت محاولته الانقلابية وتمرده، وأنه لو كان قد وزع عليهم هداياه المالية والسياسية في وقت متزامن مع توزيع هداياه للإدارة الأهلية لما اشتركوا مع بقية الناس في التشكيك في نواياه وفي ذمة متلقي الهدايا .
▪️ أنهم من حيث المبدأ لا يعترضون على اجتياح العاصمة وتفكيك الأجهزة النظامية وإعادة تشكيلها وفقاً لإرادة حركة متمردة تحتكر كل الدولة وأجهزتها بالتعاون مع من يقبلون مساعدتها في ذلك .
▪️أنهم لا يبالون بأي حركةٍ مسلحةٍ جاء الاجتياح والتفكيك وإعادة التشكيل ما دامت الحركة تعادي من يعادون، لكنهم يفضلون أن يحدث هذا بواسطة حركة لديهم تحالف قوي معها .
▪️أن ( الوطنيين الكتار غير الفاسدين) داخل الأجهزة النظامية الذين افترض د. محمد جلال أنهم يرحبون بأن تجتاح حركة متمردة العاصمة وتحل الأجهزة النظامية وتعيد تشكيلها من جيشها، ويقبلون التعاون معها في ذلك هم ذاتهم ( شرفاء الجيش ) الذين يتحدث عنهم الدعم السريع وحلفائه .
▪️وأنهم يرون في تراجع د. جلال عن فكرة الاجتياح والتفكيك والاحتكار ( ردةً ثوريةً ) حتى إذا ثبت لهم أن تراجعه يرتبط بالدعم السريع وليس تراجعاً نهائياً عن الفكرة نفسها .
إبراهيم عثمان