إدارة مشاعر المواطنين السودانيين ما بعد الحرب
□ شاهدتُ مقطعين مبثوثين على عدد من مجموعات الواتساب.
□ المقطعان يُصوران رقاب مجذوذة على نحو تام لاثنين من أفراد المليشيا من غير السودانيين وهي محمولة بالأيادي في مشهد لفش الغبينة وشفاء لما يعتمل في الصدور من مشاعر موارة.
□ ربما يقول البعض إبتداءً: كيف يتحمل المرء وتطاوعه نفسه أن يشاهد هذين المشهدين الأليمين؟
□ ولعله بعد الألاف من الصور المتواترات التي ظللنا نراها على مدى أشهر مضين لمشاهد الموت والجثث على أشكالها الفاجعات؛ لم تعد لدي الكثير حساسية من حيث رؤية مثل تلك المشاهد، حتى يمكن القول بأننا فقدنا ( الذائقة البصرية ).
□ ولكن !
□ ولكن من الأهمية بمكان أن يكون حاضر في أذهاننا، أن هنالك مكنون هائل ومخزون تراكمي ضخم في نفوس المواطنين السودانين؛ عماده مزيج من مشاعر الغبن والغبينة والرغبة في الانتقام على نحوٍ شرس.
□ إن القدر الوافر من التسامح والسماحة عند السودانيين مرشح على نحو جدي ليتحول إلى مقدار مضاد ولا متناهي من الشراسة والقسوة والغلظة والجنوح للانتقام من كل يمت بصلة إلي المليشيا الإجرامية.
□ الإحاسيس المتعاظمة خلال الأشهر الماضية بفقدان الحيلة والعجز التام وشعور المظلومية والإذلال أمام صلف وبشاعة ولا إنسانية ما تفعله المليشيا الإجرامية حيال الألاف من الأبرياء العزل ممن لا حيلة لهم، هذا الضخ المتعاظم من المشاعر، ستُحول الملايين من المواطنين إلي أفرادٍ أكثر شراسة وقسوة مما كان يُظن بهم لما هم عليه في أحوالهم السابقة.
□ على سبيل المثال فلنذكر الطبيبة التي أُختطفت من منزلها من قبل المليشيا بإرشاد من أحد الجيران المتعاونين ولم تعد، ماذا يُتوقع من زوجها وأبنائها وأفراد أسرتها الممتدة أن تكون مشاعرهم؟
□ ومن بعد ذلك فلك ان تقيس هذه الواقعة الواحدة ضمن الألاف من الانتهاكات الأليمة في الأعراض، دعك من الانتهاكات الجسيمة المتطاولة.
□ عن نفسي لا أود أن أقدم روشتة في هذا الأمر، ولكن وددت أن أعبر عن كونه أضحى يمثل هم وهاجس بالنسبة لي، وأدعو أهل الاختصاص من الطب النفسي وعلم التفس والاجتماع والمفكرين وذوي الفكر الديني مسلمين وغيرهم إلي التفكير في مسألة كيفية إدارة مشاعر المواطنين السودانيين لما بعد الحرب.
□□ على نحوٍ مجمل: كيف يمكن أن نحول مشاعر الغبن والرغبة في الانتقام لدي فئام من الشعب السوداني إلي محفزات للبناء والتعافي المجتمعي؟
عصمت محمود أحمد