رأي ومقالات

محرقة أمدرمان الكبرى

في أول أيام شهر رمضان المبارك وعقب وقت الإفطار ليلاً، تحركت قوتان تتبعان لميليشيا الدعم السريع بأمدرمان، القوة الأولى كانت تحاول الهروب من حصار الجيش على محيط الإذاعة والتلفزيون، والقوة الثانية تحاول تأمين خط سير الهاربين وإسناد مقرهم بالإذاعة.
بعد وصول المعلومات الاستخباراتية بهذا التحرك، قامت قوات الجيش بنصب كمين يمكن أن يكون أعنف كمين وقعت فيه ميليشيا الدعم السريع في تاريخها.

بدأت قوات الجنجويد في التحرك في الساعات الأولى من الليل على أمل تدمير أي ارتكازات تتبع للجيش في جُنح الليل كساتر من المسيرات.

بدأت المعارك مع القوتين المتقدمتين من الدعم السريع وبدأ الجيش التعامل معها بحذر، حيث كان الهدف الأساسي للمعركة توجيه قوات المتمردين إلى “أرض القتل” واعتمد أسلوب قتال الجيش على بناء مقاومة ضعيفة في الاتجاهات التي كانوا يرغبون أن تمر بها قوات التمرد، حيث يتم إيهامهم بإنتصار لحظي زائف.

واصلت قوات التمرد التقدم في خط السير المرسوم سلفاً من قيادة منطقة أمدرمان، وكانوا مخدوعين لدرجة جعلت “جدادهم” الإلكتروني يصيح في ليل الأمس عن “تحرير أمدرمان” غير مدركين الكمين الذي كانوا يُساقون إليه.

في حوالي الساعة الثالثة صباحاً وصلت قوات ميليشيا الجنجويد إلى “أرض القتل” بوسط أمدرمان قُرب رئاسة محلية أمدرمان، وفي هذه اللحظات بدأت القوتان بالإلتقاء، مهللين وفرحين، يخرجون هواتفهم لتصوير مقاطع “تسيطرنا وسيطرنا” وكانوا على وشك بداية حملة إعلامية ضخمة..

لم تَدُم لحظات السعادة هذه طويلاً، ففجاءة ودون سابق إنذار، أمطرت السماء جحيماً على المتمردين، بدون أن يدركوا ما الذي يحدث كانت تنهمر عليهم من السماء: قذائف الكورنت، الهاون، ذخائر متتبعة حرارياً وعشرات الهاوزر، ومن الأرض يتلقون نيراناً كثيفة تنهمر عليهم من الاتجاهات الأربعة دون أن يعرفوا مصدرها، تحترق سياراتهم وتنفجر ذخائرهم، من يحاول الركض يلقى حتفه برصاصة عيار 12.7 ملم ومن يزحف على الأرض لينجوا تتلقاه قذيفة مسيرة.
في غضون لحظات، هلك ما لا يقل عن 5 سرايا عسكرية كاملة تابعة لميليشيا الجنجويد، بأعدادهم وعتادهم، ومن هرب منهم بجسده فعقله لم يَسلم.
.
ما حدث لميليشيا آل دقلو الإرهابية بأمدرمان مجزرة ترقى إلى حد الإبادة الجماعية للميليشيا، ولن ألوم “الجنجاقحت” إذا ما أخذوا صور اليوم إلى موائد السفارات لطلب قوة حفظ سلام تحفظ لهم ذراعهم العسكري من هذا البطش.

ندعوا ما تبقى من قوات الدعم السريع في مباني الإذاعة ومحيطها بأن يُحكّموا صوت العقل ويحفظوا أرواحهم بوضع السلاح أرضاً والتسليم لفُرق القوات المسلحة التي تحاصرهم، فالأسر أفضل من الموت.

أتمنى أن تعتبر قوات الجنجويد في أمدرمان بما حصل اليوم وتسارع للإستسلام، مع الضمان بأن المعاملة آدمية من قِبل الجيش عند الاستسلام.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة وثبت أقدامهم وسدد رميهم.
#حرب_السودان

احمد الخليفة
احمد الخليفة