رأي ومقالات

ليس كل أم درمان ولا بحري دعك من الخرطوم

الصدق منج … ولو بعد حين …
شهرين قضيتهما في نزوح مؤقت في محلية كرري وتحديدا الثورة الحارة التامنة أتاحت لي معرفة جغرافيا الثورات بشكل أفضل من ذي قبل حين كنت آتي كزائر عابر لبعض الأقارب والمعارف.

تجولت كثيرا في شوارع الوادي والنص والشنقيطي ، وعرفت محطة شقلبان والمواسير ، وحين وصلت في يومي الأول وجدت نفسي في عالم مختلف تماما.

وجدت بقالات وسوبرماركتات وصيدليات ومغالق وأكثر من ذلك ركشات وسيارات خاصة لسكان تلك المناطق تتحرك داخلها. أما الخبز فمتوفر وغالب المخابز تعمل.

محلية كرري هي الحرم الأمني لقاعدة وادي سيدنا وعلاوة على ذلك اجتهد سكان الثورات ومدينة النيل في تتريس المداخل باللودرات.

في الصباح يتجمع الجيران في زوايا المربعات تحت ظلال الشجر والثورات عموما فيها تشجير جيد ، وتحت أصوات المدافع يبدأ البرلمان الشعبي اليومي في مناقشة الأزمة والأسباب والعلاج والمآلات ويختلف المجتمعون سياسيا كعادة السودانيين ولو لم يختلفوا لما كانوا سودانيين ولكن عند العاشرة صباحا تخرج الصحون من البيوت ، فول ، عدس ، فتة ، وأحيانا كانت بعض الجارات يتحفن التجمع بإبداعات مثل اللقيمات والبسبوسة والمهلبية وهلمجرا من إبدعات الأم درمانيين المتأثر مطبخهم بالمطبخ التركي ، كيف لا وقد كانوا حكامنا وعاشوا وبقى أحفادهم ونسلهم معنا.

ولذا كلما شاهدت الفيديوهات اللافة وفيها هايبرماركت اليقين أعلم انها تمثل جزءا محصورا من الصورة وليس كل أم درمان ولا بحري دعك من الخرطوم.

وكلنا أمل بأن هذه الحرب ستخمد تدريجيا من خلال كفاح وتضحيات جيشنا مضافا إليه عودة الوعي لقيادات مؤثرة من الدعم المتمرد وحواضنهم المجتمعية لأن المنطق هو أن يقود تدفق الدعم الخارجي لتساؤلهم عن المغزى والهدف والأجندة للداعمين فلا أحد في هذا العالم يدعمك مجانا ولهذا فمن الضروري فتح قنوات للتواصل مع القيادات والمراكز المؤثرة درءا لإستمرار نزيف الدماء بدلا من لغة التهديد والوعيد التي لا تؤدي إلا للمزيد من العناد وركوب الراس.

الصدق منج ولو بعد حين ، وتعميم وتنويع أماكن التوثيق مهم وضروري حتى يعلم الناس حجم تحديات ما بعد العودة.

#كمال_حامد 👓