رأي ومقالات

تسابيح!

من أدام التسبيح انفرجت أساريره، ومن أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات، ومن أدام الاستغفار فتحت له المغاليق.. فكما قرأت إن الإكثار من التسبيح والتحميد من أحب الكلام إلي الله، ففيه توحيد وتنزيه وثناء للخالق عز وجل، وتكفير للخطايا، ولذلك يجب أن نحافظ عليه حين نصبح وحين نمسي طاعة لله، لأنه ذكر أهل الجنة! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل التسبيح يرد القدر؟ لنتابع قول أحد الصالحين في فضل التسبيح والإجابة علي هذا السؤال:

تتبعت التسبيح في القرآن فوجدت عجبا، وجدت أن التسبيح يرد القدر كما في قصة يونس عليه السلام قال تعالى “فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ”، وكان يقول في تسبيحه “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.

والتسبيح هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع داود عليه السلام قال تعالى “وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ”.. التسبيح هو ذكر جميع المخلوقات قال تعالى “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ”.

ولما خرج زكريا عليه السلام من محرابه أمر قومه بالتسبيح قال “فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا”.. ودعا موسى عليه السلام ربه بأن يجعل أخاه هارون وزيرا له يعينه على التسبيح والذكر قال “واجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ونَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيرًا”.

ووجدت أن التسبيح ذكر أهل الجنة قال تعالى “دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”.. والتسبيح هو ذكر الملائكة قال تعالى “تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ۚ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ”.. حقا التسبيح شأنه عظيم وأثره بالغ لدرجة أن الله غير به القدر كما حدث ليونس عليه السلام.
التسبيح والرضا النفسي

اللهم اجعلنا ممن يسبحك كثيرا ويذكرك كثيرا.. فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.. هاتين الظاهرتين (التسبيح والرضا النفسي)، لم تكونا مرتبطتين في ذهني بصورة واضحة، ولكن مرّت بي آية من كتاب الله كأنها كشفت لي سرّ هذا المعنى، وكيف يكون التسبيح في سائر اليوم سببًا من أسباب الرضا النفسي..

يقول الحق تبارك وتعالى: “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ”.. لاحظ كيف استوعب التسبيح سائر اليوم.. قبل الشروق وقبل الغروب وآناء الليل وأول النهار وآخره، ماذا بقي من اليوم لم تشمله هذه الآية بالحثّ على التسبيح! والرضا في هذه الآية عام في الدنيا والآخرة. وقال في خاتمة سورة الحجر: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ”.

فانظر كيف أرشدت هذه الآية العظيمة إلى الدواء الذي يُستشفى به من ضيق الصدر والترياق الذي تستطبّ به النفوس.. ومن أعجب المعلومات التي زودنا بها القرآن أننا نعيش في عالم يعجّ بالتسبيح:
“وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ”، “وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ”، ” تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ”.

حسن علام – بوابة فيتو
724