رأي ومقالات

قصة حسبو : إلى الإسلاميين أوكوا دلوكم

حدثنا بيان الحركة الاسلامية السودانية عن إعفاء الأخ حسبو عبدالرحمن من تكليف نائب العام وفصله عن الحركة ولكنه لم يسترسل عن لماذا حدث ما حدث ؟ وكيف يمكن تلافى مثل ما حدث ؟ ولماذا كان النقاش مستفيضا إذا كانت التهمة المثبتة والتقارير واضحة ، والفترة الزمنية كانت كافية للوصول للخلاصات ؟ ..

إنها أسئلة مهمة لأن السيد حسبو لم يكن مجرد عضو تتنازعه المواقف وتغيب عنه دقائق الأمور ، بل هو شاهد عليها ومشارك فيها وصانع لبعضها منذ 2013م وحتى سبتمبر 2018م (نائبا للرئيس) ، وكان من المفترض أن يظل ذلك لمدة إضافية لو لا مذكرة من ناشط سياسي ألتقى الرئيس البشير فى بيت الضيافة وروى له تفاصيل كثيرة مع معلومات تفصيله ، أدت لصرف النظر عن تعيينه فى آخر لحظة (نقل لي ذلك برلماني عتيق وأضاف بالقول لا أعرف لماذا لم يحاسبوه)، فلماذا تعذر على أجهزة الحركة الاسلامية وعلى أجهزة حزب المؤتمر الوطني وأجهزة الدولة إستشعار ذلك ، بينما حققه ناشط سياسي ؟ ..

هذه الأسئلة ضرورية فى فترة الترتيب والتقييم والمراجعة ، لإن ذلك جزء مما ينبغي أن يروى والحركة والحزب كانوا على سدة الحكم والمسؤولية..

وأكثر من ذلك ، وبعد أن توفرت تلك المعلومات والحقائق ، كيف عاد السيد حسبو عبدالرحمن نائبا للأمين العام للحركة الاسلامية ، فقد خرج من نافذة الحزب والدولة وعاد من باب الحركة الاسلامية.. ؟

وكيف انحدر قيادى حركي وحزبي وتنفيذي كبير إلى دائرة القبيلة والجهة ، ولم تعصمه تجاربه التنفيذية ولا الإنتماء الفكري ولا الخبرة التنظيمية من هذا الخيار المهلك ؟

وهل المنظور المفاهيمي لبعض القيادات الحركية بهذه الهشاشة ؟
هذه الأسئلة على قسوتها مهمة ، وهو ما ينبغي أن نناقشه وليس شخص الأخ حسبو ، فقد صعد على أكتاف مؤسسات حركية و حزبية وتنفيذية..

عرفت الأخ حسبو عبدالرحمن منذ العام 1995م ، وألتقيته أول الأمر بجنوب دارفور حين كان مفوضا للعون الإنساني هناك إن لم تخني الذاكرة ، وجمعتنا مواقف أخرى قبل توليه منصب نائب رئيس الجمهورية ، وهو رجل فوق تهذيبه الشديد ، عنده قدرة على الإقناع وفصاحة فى طرح وجهة نظره ، وربما استفاد من تقاطعات كثيرة فى دارفور بعد احداث عام 2003م ، وصراع المواقف والأجندة ، ولكنه أمتلك الشخصية التى تؤهله للمنصب ، وشغل مهام وزير دولة ومفوض للعون الإنساني وانتخب عضوا بالبرلمان وتولى قيادة القطاع السياسي للحزب ، فهو على معرفة كبيرة بمسارات السياسة السودانية وتقاطعاتها ، ومن هناك ذهب إلى منصب نائب رئيس الجمهورية ، مع أن تقارير اعفاءه من الشوؤن الإنسانية بعد خلاف شهير مع الوزير فى عام 2005م موجودة فى درج مجلس الوزراء..

كثر هم الذين خرجوا عن الموقف التنظيمي وليس فى ذلك عيب ، قد تتقاطع مواقفك وتقديراتك السياسية مع موقف الحزب أو الحركة ، مما نسميه (تقدير موقف) ، أما الإنقلاب كليا على فكرة كبيرة والدخول فى معادلة ضد الوطن والمواطن فهو بالتأكيد أمر يتطلب دراسة عن الارضية والمنطلقات والبناء الفكري..

ذهب السيد حسبو إلى خياره ، فهل أوكت الحركة الاسلامية دلوها حتى لا يتكرر ما حدث.. وقديما قال إبن خلدون (إذا ضعف سلطان الدولة ، قوى سلطان القبيلة) ، وبالمثل إذا ضعفت الحركة وتراجعت قوتها ، وسطوتها ، لجأ الناس إلى القبيلة..
إنه صفحة فى كتاب المراجعة..

د.ابراهيم الصديق على
14 ابريل 2024م