رأي ومقالات

بعد عام من الحرب في السودان .. قراءة في الخطط العسكرية


وفق ما توفر، أن التمرد كان يتوقع أنه سيسيطر على القيادة العامة والمراكز الحيوية في مدة اقصاها ثلاثة أيام، وبها يكون قد سيطر على قلب البلاد والمنطقة المركزية، وقتل او اعتقل كل القيادة العسكريين للجيش، لكنه كان يتوقع أن يجد مقاومة في بعض المواقع العسكرية مثل المدرعات، ووادي سيدنا، وكان يضع أن اقصى حد يمكن أن تصمده هذه المواقع ثلاثة أشهر.
كانت المخاوف كلها بالنسبة لعقل التمرد هو سلاح الطيران، لذلك بادر قبل ساعة الصفر للذهاب لقاعدة مروي وكان الهدف أما السيطرة عليها، او حصارها لتحييد الطيران، أما قاعدة وادي سيدنا والأبيض سيكون فيها اشتباك وبدورها تكون خارج الخدمة.

أما الجيش، لما يتوفر له من معلومات حول صديق الأمس عدو اليوم فكان يعلم أن هذه الحرب ستطول لأسباب موضوعية بين يديه:

– الأول: ضراوة المخطط وكمية الدول التي تقف خلفه، وما تشكله من دعم عسكري ودبلوماسي وإعلامي.

– الثاني: أن عدد الجنود المشاة للجيش غير كافٍ لخوض حرب مفتوحة مع عدو يمتلك تسليح جيد وخطوط دعم مفتوحة.

– الثالث: أن التسليح للجنود الموجودين لايكفي لهذه الحرب، خصوصا أن هذه الحرب حرب مدن لا يمكن استخدام الأسلحة الثقيلة، وهي الأسلحة الوازنة لدى الجيش والتي كان يشتغل عليها ويعدها طوال العقدين، فهذه الأسلحة أصبحت خارج الخدمة.

وفقًا لهذه المعطيات، وضعت قيادة أركان الجيش خطتها على ثلاث مراحل:
– المرحلة الأولى مرحلة دفاعية، وهي تقتضي المحافظة على المواقع والمقرات العسكرية وفق لأولية المواقع، والمحافظة على حياة الجنود وإن دعت الضرورة إلى الإنسحاب من بعضها، ومدة هذه المرحلة ستة أشهر.

– المرحلة الثانية مرحلة بنائية، يقوم فيها الجيش بترتيب وضعه الداخلي بإحالة بعض الضباط المشتبه في ولائهم أو من كانت لهم مصالحة اقتصادية مع المليشيا أو من تحصلوا على إمتياز مالي منها، وتكوين قوة مشاة من الشعب وتدريبها وإعدادها بدنيا وذهنيا لتكون مهيئة لمواجة هذه المليشيا، مع توفير العتاد العسكري الجيد لذلك، والأسلحة المناسبة لمثل هذه الحروب الهجينة وحروب المدن، وهذه الفترة مقدرة ايضا بستة أشهر.

-المرحلة الثالثة مرحلة إستعادة الأرض والهجوم على المليشيا وتحرير المواقع، بطرية تؤدي إلى الحفاظ على حياة وممتلكات المواطنين بقدر الإمكان، وهذه الفترة ايضا قد تصل لستة أشهر.

هذه الخطة العسكرية معها متطلبات سياسية وقانونية ودبلوماسية، تقديرات بعض القادة على رأس الدولة لم يقوموا بها على أكمل وجه، وتماطلوا في جزء كبير منها، وتأخروا في وقت إصدار الكثير من هذه القرارات، وهذا ما جمعل السيد مساعد القائد العام يصرح للإعلام بذلك.
هناك ضغوطات كبيرة من بعض الدول على القيادة السياسية للبلاد، ومساومات ايضا، لكن القرارات تجاوزت القيادة منفردة، فاقصى ما يمكن فعله هو تأخير الوقت، أما امر الحسم فهو ماضٍ لا مناص منه ابدًا.

احمدحسن كرار