رأي ومقالات

حسان الناصر: إذا أردنا التعافي!

عندما ينطلق الخطاب السياسي، لما يمسى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ” تقدم ” من فرضية أن الحرب أشعلها عناصر الحركة الإسلامية، فإنها بذلك تأسس لفرضية خطيرة جداً، وهي إزاحة المسؤولية عن القتل و المجازر التي ارتكبها مليشيا الدعم السريع.

و تحاول أيضا بطريقة مستترة أن تزيح عن عاتقها مسؤولية وصول التناقضات السياسية إلى طريق الحرب، من خلال نواياها بالصعود إلى السلطة من غير أي وجه حق. عبر مسار الإتفاق السياسي الذي دخلته.

هذا تماماً ينطبق على ما يظهره المجتمع الدولي، الذي شكل من خلال الآلية الرباعية مشهد الحرب، إن الإمارت و المملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة و بريطانيا شريكة أصيلة في توفير مناخ الحرب، من خلال عملية سياسية قادت بشكل أعمى و غير مسؤول الوضع إلى الحرب.

وهنا لن ننسى ما قامت به البعثة الأممية لدعم الإنتقال في السودان حيث ركزت سياساتها على تأييد قوى إعلان الحرية و التغيير و المساعدة في توفير مسرح الحرب منذ رفضها للجلوس مع القوى السياسية بعد إجتماعات الآلية الثلاثية. ومن ثم رفضها لخطاب قائد الجيش بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي في مايو ٢٠٢٢م .

هذا لا يعفي قادة القوى السياسية الوطنية ولا حتى القيادات العليا في الدولة من مسؤولية هذا الطريق الذي وصلنا له، كان يجب أن يقطع الطريق على أي مسار خارجي يضع الشعلة على أنبوب الغاز، لقد ساعدت السياسات التي تفتقر إلى الحدس الإستراتيجي نشوء تيارات العملية السياسية منذ مؤتمر الرياض في يناير ٢٠٢٢م. وحتى مارس ٢٠٢٣م .

إن الإدعاءات الجزافية التي يقدمها قادة “تقدم” لا يمكن أن تكون إلا كذب سياسي يحاولون من خلاله بناء سردية سياسية يمكن تصديقها، ولكن دائماً سأقول بأن ” الكذب السياسي ” لا يمكن أن يكون خطاب ولن يبني مسار حقيقي يفضي إلى وضع المنشار على عقدة المسألة.
هذا أيضاً يجب أن ينتبه له قادة الدولة، أن الحقيقة و المسؤولية تتطلب البعد عن ممارسة السياسة من ذات شروط الإنتقال، لا يمكن أن تدار الخلافات السياسية من خلال صحفيات و صحفيين، و أقاويل مجردة من أي مهنية، لا يمكن بناء السياسة و الرؤية الكلية للدولة من خلال شخصيات ضعيفة و فاسدة.

يجب عزل جميع فساد الفترة الإنتقالية و الفاسدين المدنيين الذين يتجولون حول مكاتب القيادات العليا، يجب أن تدار النقاشات و الرؤى من خلال مؤسسات ومن داخلها، يجب عزل الطبقة المدنية الفاسدة التي تشكلت منذ صعود مدير مكتب الرئيس المعزول ” طه عثمان ” هذه البيئة انتشر فيها الدعم السريع لأنه تنظيم عصابي وفاسد، لذلك يجب القضاء على هذه البيئة.

عندما يتم عزل هذه الطبقة الفاسدة ستتكشف رؤى عديدة و صادقة تجعل الدولة تبنى من قواعد راسخة وعبر كوادر قوية و ملهمة، فقط حينها في تلك اللحظة يمكن أن نقول بأن المسار الحقيقي قد بدأ فعلا إتجاه أن يجد السودان فرصة للتعافي.

حسان الناصر