رأي ومقالات

هوامش على سيرة الكرزايات

*هوامش على سيرة الكرزايات*
▪️بينما انتهت تجربة كرزايات أفغانستان ببعضهم متعلقين بإجنحة وإطارات الطائرات الأمريكية المغادرة، ولا يجدون حتى أقل التفاتة إنسانية تمنع موتهم المحقق بتأجيل تحليق الطائرات لدقائق كانت كافية لزجرهم وإنزالهم، يحلم كرزايات السودان ببداية تجربتهم الجذرية بالقدوم بطائرات الغزاة !

▪️ بينما يتوقع الناس أن يشعر الكرزايات بما في التمويل الأجنبي لأنشطتهم من عار، يكشف سلوك هؤلاء الكرزايات أنهم يستبشرون بأسوأ ما في هذا التمويل، أي بأن من يمول سيحرص على استرداد دينه مضاعفاً، وأنه لهذا السبب سيضاعف تدخلاته في السيادة ليتمكن من إيصالهم إلى الوضع الذي يمكنهم من سداد الدين – من سيادة البلد – مضاعفاً أكثر !

▪️لو كان تمويل الغربيين للكرزايات ذي ارتباط فعلي بدعم الديمقراطية لكان على رأس شروط التمويل – فلا تمويل من هذا النوع بلا شروط – النأي بأنفسهم عن “ديمقراطية” آل دقلو، أو على الأقل النأي بأنشطتهم الممولة عن دعم آل دقلو ومشروعهم !

▪️ولو كان لدى الكرزايات قناعة حقيقية بنظافة ومصداقية وحسن سمعة “ديمقراطيهم” لكان همهم الأول الآن النأي بها عن “ديمقراطية” آل دقلو شديدة القزارة، سيئة السمعة، معدومة المصداقية، التي ينشط ضباطهم وجنودهم في إيصال حقيقة قزارتها كاملةً إلى الناس فرداً فرداً في متاجرهم ومزارعهم وحتى غرف نومهم !

▪️ في الوقت الذي كان فيه نصر الدين عبد البارئ يجزم بأنه ( لا يوجد شيء اسمه ثوابت الأمة السودانية ) كان اعترافه وزملائه بوجودها يصل إلى حد الإعتماد الكامل على المتاجرة بها، لتكون – هي بالذات – البضاعة الوحيدة الحقيقية التي تمكنوا من إضافتها إلى قائمة المبيعات للخارج ! وهم الآن يرون أنه لا زال هناك من الثوابت ما يمكن أن يباع، وما يمثل استعدادهم لبيعه رأسمالهم الرمزي الوحيد لدى الغرب !

▪️لا يحتاج إغضابهم إلى وصمهم بالعمالة وإنما فقط إلى المواقف الحقيقية ضد التدخلات الأجنبية، وهي المواقف التي تغضب الأجانب الطامعين وتقطع عشمهم في عمالة أصحابها وتبعيتهم، وبالتالي تغضب الكرزايات أكثر لأنها تثبت أن أصحابها في أبعد نقطة عن معسكرهم !
▪️ ما لم يثبت للكرزايات أنك تمارس التقية، أو تحاول الدفاع عن نفسك في مواجهة اتهام ذي مصداقية بالعمالة، فسوف يتهمونك بالمزايدة بالوطنية، أو حتى بعدم الوطنية !، لمجرد حديثك عن سيادة البلد واستقلال قرارها !

▪️ من شدة إيمانهم بأنهم “خونة” أصبحوا يكرهون هذه الكلمة ولا يستخدمونها ضد خصومهم، بل إن مستر سفارات قال إنهم قد اعتبروها كلمة قد تقادمت وفقدت صلاحيتها مع واقع التبعية المكشوفة، ولذلك أسقطوها من القاموس : ( تاني قصة انتو خونة، الكلام القديم دا، ياخي الكلام دا بقى ما بجيب حقو تاني، والقصة بقت على المفتوح، والناس مشت خطوات كبيرة )!
▪️ومن شدة تماهيهم مع مطامع الأجانب لا يملكون ما ينفون به تبعيتهم لهم سوى نفي وجود المطامع الأجنبية من الأصل ! وذلك لعلمهم بأن قوة التماهي تجعل ثبوت وجودها يعني تلقائياً ثبوت التبعية !

▪️ كل الدلائل تؤكد أن الكرزايات رأوا في انتقال حميدتي من ( بالله زول مرتبو بتدي ليهو سفارة ونقول عليه وطني ؟) إلى ( كان قلنا ما مسيرانا السفارات كضبنا، لكن دا بطوعنا وإرادتنا واختيارنا )، كل الدلائل تؤكد أنهم رأوا في هذا الانتقال : قطيعةً معرفيةً مع “إرث متخلف”، برادايم شفت مبشر، انحيازاً جذرياً “للثورة”، استنارةً حقيقية تمنعه بالتأكيد من أن يقول ( بالله في أحزاب يمول الأجانب أنشطتها ونقول عليها وطنية ؟ ) !

▪️يعتقد الكرزايات أنهم قد أفلحوا في تطبيع كثير من الناس مع العمالة بما يعتقدون أنه كافٍ لأن يضمن للعميل حياةً مهنية مريحة، وخالية من الوصمة، ومطاردات الأمن، وصعوبات الترقي !
▪️ من يؤمِّلون في احتلال الغربيين للعقول والقلوب، بالتركيز على أسوأ ما عندهم، وعلى أبعده من وجدان السودانيين، لا يمكن أبداً أن يروا في احتلالهم للأرض استعماراً !

▪️ كم كان طيباً وحسن الظن ومستخفاً بمكانة العملاء ذلك الذي قال ( أخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه العمالة وجهة نظر )، إذ لن تجد اليوم عميلاً يقبل بهذه الإهانة التي تخفِّض العمالة من مكانها على رأس الفضائل السياسية إلى مجرد وجهة نظر !
إبراهيم عثمان