سناء حمد: مُحمدُنا ..حين لمع

عندك يقف الكلِم عاجزاً عن التعبير عن الحزن والفقد .. ولكنك تحيط بي ! تأبى ان تكون في رف الذاكرة ! انت هناك كلما هاتفني احد صحبك او اخواتك ، انت هناك كلما سمعت قصة إعمار نفسٍ بفضلك او حديث عن تقديرٍ ذكيٍّ منك او فكرة ألمعيّة طرحتها تُنبت غرساً كل حين ، او فتوىً لك أسست فيها لفهم جديد .. انت هناك كلما رأيت برقاً يلمع ويشع ..مسرعاً فيضئ الظلام ويذكِّر بعظمة الله ! هو يشبهك ..مررت في حياتنا مسرعاً مثله أضئت الظلام حيثما حللت ..مررت سريعاً كذاك الشهاب ثم مضيت ، كلما وقفت تحت زخة مطر نزل بقوة فسقى الارض واحياها ، ومضى في مساره ليحيّ ارضين جدد ، ذكرتك! فكم أحييت نفوساً وعمرّت خراب..
يرن جوالي..رأيت المتصل ..ولأني اعلم حيث يرابط ..ترددت في الاجابة ، احاول ان اطمئن قلبي المقبوض ! ثم مع استمرار الرنين أجبته، علمت من صوته انه يحمل خبراً جلل! بدأ يحاول التماسك ، وجدتني اقول له ! بالله عليك اخبرني من ! هل فلان ؟ قال لا ؟ إذا ودالفضل ..فسكت ! وجدتني احوقل واسترجع … هل انت متأكد ؟ قال دفناه قبل قليل ! كيف استطعتم ! ثم عصاني الكلام وعصاني الدمع ..
يا محمدنا مرّ عام ..انت فيه صعدت لحيث تشتاق نفسك بإذن الله ، نحسبك شهيداً روحه في حواصل طير خُضُرٍ تُحلِّق حول العرش !
أظنك ستكون هناك بذات الحيويّة ” و العفرتة”!! لكنك طوال عام تركت فينا فراغاً مؤلماً! فأنت لم تكن مجرّد فتىً ذكي ..كان لك من اسمك نصيب ، فأنت صاحب فضلٍ ومفضال ، كنت مرجعاً في العلم وفي الفقه وفي الأدب والسيرة ، كنت قدوةً لجيلك وصديقاً لأجيال ..كنت رحيماً بمن هم اصغر منك وكأنك شيخهم ! وكنت رفيقاً لاندادك يقدمونه يأنسون إلى رأيه ويفيئون لحكمته ، وكنت مع من هم أكبر منك متواضعا ومعاوناً ، كنت جليس علم تبذل علمك بتواضع وكأنك متعلِّم وانت العالم ، كنت صاحب زوايا نظر مختلفة ! اعمق وأبعد …كنت تفاؤلا يمشي على قدمين ! كنت مستعجلاً للإنجاز ! وكان الأمر يثير حيرتي ! يا ولد انت مستعجل مالك !! يا أمي أنا عمري قصيّر ! ..وكنت اعلم انك صادق ..كنت اعلم في قلبي ان من هو مثلك عمره قصير !
يا محمدنا .. كم هي طويلةٌ هذه الحياة ! معك وبدونك غير انك كنت تهوِّنها ! اسال الله الا يقبضنا اليه إلا ونحن في هذا الدرب نقصده صادقين ..قابضين على ما نؤمن به ..وما بدلنا ولا تبدلنا ..وان يجمعنا بك في مستقر رحمته صحبة سيدنا رسول الله صلوات ربي عليه .
اللهم أسالك وانت الله لا إله إلا انت الواحد الاحد الفرد الصمد …ان تكرم بلادنا وامتنا بمحمدٍ وصحبه ..الذين أتوك صادقين وهم عندك بفضلك مستبشرين، اللهم نصراً من عندك ..يعز به الأخيار وتسوء به وجوه الفئة الباغية ومن خلفها …اللهم نصراً من عندك نطأطئ به الرؤوس لك ..شاكرين وعابدين وطامعين ..ونسألك على محمدٍ صبراً ويقيناً ..وأبدل بلادنا وامتنا خيراً منه.
سناء حمد






