الحقبة الإدريسية في فوهة أللا-تناظر

السيد كامل إدريس يتولي رئاسة الوزارة في فترة هي الأصعب والاكثر تعقيدا في تاريخ ما بعد إستقلال السودان. يستلم السيد كامل المنصب في ظروف غزو أجنبي شرس وتكالب أممي وتشظ سياسي صارت فيه العمالة المفضوحة وجهة نظر مدنية ديمقراطية علمانية. ثم كوليرا واقتصاد يترنح.
لن يتمتع السيد كامل ولا بكسر صغير من راس المال الذي توفر لحكومة ٢٠١٩ الإنتقالية في شيك علي بياض من إلتفاف شعبي غير مسبوق في تاريخ السودان وقبول دولي واسع فرضته شاعرية وعظمة تضحيات شباب الثورة. ولكن كل هذا راس المال تم إهداره بتدني القدرات السياسية المطلوبة في رجل الدولة وهيمنة عقلية المحاصصات الغنائمية ورغبة “عارمة” في استرضاء الخارج علي حساب راي الشارع السياسي وتماسك الجبهة الداخلية حتي صار الشعار الإقتصادي الرسمي إنها ثورة وعي، لا خبز – وعليه تم رفع الدعم حتي يكف أهل أمدرمان عن شرب الشاي في الصحافة. ثم إنتهي الأمر بحرب ضروس حتي لو قبلنا منطق عدم تورط أحزاب وجماعات الحكومة الإنتقالية في إشعالها لا يمكن تبرئتهم من إهدار فرصة تاريخية صعبة التكرار لإنقاذ السودان ووضعه علي المسار الصحيح.
وبما أن القدر يحرم السيد كامل من قطرة من راس المال السياسي الذي توفر في عام ٢٠١٩، يترتب علي ذلك أن أي إنجاز هام لحكومته الجديدة يكون أجره الوطني مضاعفا بسبب شح الموارد السياسية والإقتصادية المتاحة وإنعدام هامش المناورة. ولكن للأسف لا يوجد تناظر يعفي الحكومة من المسؤولية عن غياب الإنجاز أو أي تخبط لان أي خطأ ستكون تكلفته مضاعفة ببساطة لان الوطن لم يعد به سنام يدفع منه فقد استهلكت الحرب وتخبط حكومة ٢٠١٩ الإنتقالية كل مخزون الشحم الوطني ولم يبق إلا عظم الوطن عاريا لا يستطيع أن يتحمل كلفة أي شذوذ سياسي.
معتصم أقرع:






