قال لي يا حسبو البيلي، أنا عايز أسألك سؤال.. أنا كنت ناقم على الكيزان فشنو؟

صديق لي جاء إلى كندا بعد سقوط البشير، وكان من الناقمين جداً على نظام الإنقاذ. كان صديقي هذا من رواد مطاعم أوزون ولذيذ، ونوادي المنشية والعمارات وشارع ١١٧ ودومينوز وآيزيز والنادي الوطني. كان يملك عربية آخر موديل، وجوال حديث وخادمة في المنزل. يسافر كل عام إلى إثيوبيا وماليزيا والإمارات، متنقلاً بين العواصم، لا يحمل هموم غده ولا تكاليف معاش يومه.

يصحى مسرور البال، يستورد بضاعته من كوريا، ويسمسر في العربات ويتاجر في المحاصيل. يبيع سيارة ويأخذ عمولته منتشياً، ويلعن الكيزان. يصدر محاصيل لتايلاند، ويلعن الكيزان. يصحى من نومه على الساعة الواحدة ظهراً على صوت تلفون لصفقة رابحة، ويلعن الكيزان.
بعدما وصل إلى كندا وبعد انقضاء فترة الضيافة وانبهاره بالمباني والبحيرات والشواطئ والمنتزهات، وبعدما رأى السي إن تاور وشلالات نياجرا ومحميات بانف وجاسبر، وبعد أن عمل في وظيفة أخذت كله وقته وماله ، وبعد أن دفع الضرائب التي لم يسمع بها في حياته، وبعد أن أدبته كندا وأحسنت تأديبه وعدلت مشيته، وبعد أن زاحمته الفواتير (البيلات)، وبعدما تعثر في دفع الحسابات وحتى المينيمم بايمينت، وبعد أن أكل البيض والعدس والفول وتعدى مرحلة الديبرشن، وبعد أن عرف أنه كان يعيش في نعيم لا يضاهيه إلا الملوك، جاءني في يوم بارد وصقيع قارص وفي آخر الشهر، وقال لي يا حسبو البيلي ، أنا عايز أسألك سؤال. أنا كنت ناقم على الكيزان فشنو؟ فصمت ونظرت إليه طويلاً وقلت له : تعال بعدين انا عازمك حلة عدس !!
#السودان

حسبو البيلي

Exit mobile version