ما مستقبل أي تسوية واتفاق مع الدعم السريع في المستقبل ؟

هب أن الحكومة أعلنت عن تعويضات شاملة لكل المواطنين الذين تضرروا من الحرب، تعويضات توازي حجم الضرر الواقع عليهم. فمن تدمر منزله سيعاد بناؤه، ومن فقد أمواله ستعاد إليه ومن فقد ممتلكاته سيعوض عنها، ومن فقد شخص ستتكفل الدولة بدفع الديات والتعويضات المناسبة. أما من تعرض لانتهاكات أو سجن أو أصيب فستتكفل الحكومة بعلاجه وتقديم الدعم اللازم له..
لكن كل ذلك مشروط بشرط واحد وهو أن يقبل المواطن بوجود قوات الد-عم السريع في المشهد السياسي والعسكري في السودان، وأن يعود قادتها كأصحاب قرار في الدولة وأن يكون لهم تمثيل في مؤسسات الحكم.
هنا سيكون موقف المواطن واضحاً وبالإجماع: الرفض الرفض، لا قبول لعودة الد-عم السريع ولا لحميد-تي في أي مشهد سياسي كان أو عسكري. فالمواطن لن يساوم على أمنه ومستقبل أبنائه مقابل إغراءات مادية، يعلم تماما أنها زائلة ما دام الخطر الذي أدى إلى زوال ممتلكاته سابقاً قائم. لقد تشكل لدى المواطن وعي جديد بمفهوم الأمن وأصبح يدرك أن استقراره لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود الد-عم السريع وقياداته. لن يغامر المواطن بحياته ولا بحياة أبنائه، من أجل إعادة من كان سببا مباشرا في تشريدهم.جاء هذا الوعي نتيجة تجربة مريرة عاشها المواطن جعلته يدرك حجم التهديد الوجودي الذي يمثله استمرار هذه القوات..
لكن ماذا لو قررت الحكومة القبول بتسوية تتيح عودة محدودة للد-عم السريع، واعتبرت هذه التسوية نافذة بضغط خارجي، ولا خيار أمام المواطن سوى قبولها مع ما يصاحبها من وعود بالتعويضات؟
في هذه الحالة لن يتغير موقف المواطن، سواء فرضت عليه هذه التسوية بضغط داخلي أو خارجي، فهو قد حسم أمره وشكل قناعته بعدم القبول بوجود الد-عم السريع مرة أخرى في حياته ومناطقه خصوصاً في الخرطوم والوسط..
فمواطني هذه المناطق يشعرون فقط بما يجري في مناطقهم ومعنيين بمستقبل وأمن مجتمعاتهم، فهم لايشعرون بأن ما يجري في نيالا أو الجنينة والضعين يمثلهم إلا بالقدر الذي يؤمن لهم مناطقهم ويمنع تمددهم،ولايشعرون أن من يحكم تلك المناطق هو جزء من هويتهم. وما يعنيهم حقا هو أن يكون شرط وقف الحرب قائم على حفظ أمنهم وأمن مجتمعهم فقط..
وهنا السؤال: ما مستقبل أي تسوية واتفاق مع الد-عم السريع في المستقبل ؟
من زاوية المواطن البسيط، فوقف إطلاق النار هو أولوية، على أن تكون صيغته أن يتولى الجنجويد حكم مجتمعاتهم في الضعين أو نيالا ودوامرهم بأنفسهم، سواء من خلال حكم ذاتي أو انفصال أو أي صيغة أخرى تبعدهم عن بقية المناطق.ومن زاوية الجيش، فإن المنطق يفرض تحييد القيادات واحتواء ما تبقى من القوات وإخضاعها للدولة. وهذا منطق الدولة وهو صحيح. لكن من زاوية المواطن الذي تضرر من الجنجويد فإن بقاء الد-عم السريع يمثل عبئاً على الدولة وإرث ثقيل لا مبرر للاحتفاظ به..
في النهاية إذا لم يستطع الجيش فرض منطقه، فستأتي لحظة يقول فيها المواطن خاصة من هو بعيد عن مناطق العمليات ومن تضرر من الجنجويد “أتركوا لهم دولتهم ليحكموها وكفى السودانيين جرائم الجنجويد.
حسبو البيلي
#السودان






