لا تنثر الدر أمام الخنازير

لا تنثر الدر أمام الخنازير
(مثل)
أمام الجاهل الجهلول اللئيم يتحول العالم {بكسر اللام} الى عدو، يسعى ما وسعه الجهد الى تدميره و اهانته، ينفث حقده على الدنيا و المجتمع في وجه عالم كريم..
من يصدق أن هذا المنزل كان مقصد العلماء و طلاب العلم من أنحاء الدنيا.. يستقبلهم صاحبه ببشر و ترحاب و كرم، بتواضع العلماء، لا يبخل عليهم بمعلومة… لا يمل حتى يكتفوا رغم انشغاله الدائم بالبحث و الكتابة.
بروفيسور عون الشريف قاسم عالم له في عنق كل سوداني دين.. و على أهل مدينته حلفاية الملوك القسط الأكبر من الدين..
صاحب القواميس.. (العامية في السودان) و (من صور التماذج القومي في السودان) و غيرها و عشرات الكنب في الفكر و الثقافة و االأدب.. باللغتين العربية و الانجليزية..
الرجل الذي بحث و حقق في رسائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى الملوك و الأباطرة.
العالم الذي تلاميذه من أصقاع الدنيا و تشهد له قاعات الدرس في جامعات الخرطوم و لندن و غيرها..
ذات الرجل الذي أسمع أخباره مشاركا في مؤتمرات علمية أو عضوا أو مترئسا لجنة على مستوى العالم العربي والإسلامي تناقش قضايا التراث أو اللغة، كنت أراه رئيسا للجنة لتسوير مقبرة أو تأهيل مدرسة أو مركز صحي في مدينته حلفاية الملوك..
أول من يقابلك عند تشييع جنازة أو تقديم التهنئة لعروس أو حتى ولادة طفل جديد..
رجل كنت أعجب كيف يوزع وقته..
فلا أجد ردا سوى أن الله جعله مباركا و بارك له في عمره..
من يصدق أن رجلا بهذا القدر.. (لم نذكر الا النذر اليسير من سيرته ووصفه) يتحول بيته الى هذا الخراب.. بعد أن سطت عليه فئران الدعم السريع و أعوانها، أيام جثمت على مدينة حلفاية الملوك، فناله ما نال أهلها و ديار أهلها من نهب و حرق و دمار..
و لو سألوا أهلها لافتدوا دار البروف عون بديارهم و كل ما يملكون..
ترى كم من الكنوز على الأرفف من الكتب و المؤلفات و ما حوته أجهزة الكمبيوتر و اللابتوب من معلومات.. هي أثمن من كنوز الدنيا تحولت إلى رماد؟
لك الله أستاذي بروف عون الشريف، نم في مرقدك الأبدي فلك من الله الجزاء (أو علم ينتفع به) ، لقد أعطيت فما أبقيت، و تقدمت لم تتأخر حتى آخر يوم في حياتك..
تركت لنا ثروة لم نرعها حق رعايتها..
و لو كنت حيا، لتمنيت أن تعود مرة أخرى الى مرقدك في مقابر الصوارد بحلفاية الملوك، حيث يعيش الآباء و الأجداد، الذين حملوا السيوف يوما دفاعا عن الأرض و العرض، و صنعوا التاريخ..
اعذرنا فقد باغتونا و نحن عزل، كانوا ضيوفا في ببوتنا يستقووا بطعامنا و نحن هزل.. فغدروا بنا.. سرقوا و قتلوا و نهبوا بليل.. استعانوا بذهبنا و أموالنا و جاءوا من أصقاع الدنيا بالبغاث البغاة ليعينهم على ما فعلوا و ما لم يتمكنوا من فعله.. فقد خرجوا مرة أخرى قتلى و أذلاء تطاردهم اللعنات…. و دعوات أهلك الطيبين في كل صلاة سرا و جهرا جماعة و أفرادا في البيوت و المساجد، الى أن نلقى الله و نسائلهم يوم الموقف العظيم..
ماذا بينكم و بين حلفاية الملوك..
ماذا بينكم و بين أهلها و أبوابها المفتوحة للغاشي و الماشي..
ما الذي بينكم و بين رمز من رموز الأمة مثل عون الشريف قاسم؟
يس ابراهيم





