تحقيقات وتقارير

السلاح في الجنوب.. جبل الجليد

قتل شخص واحد مقابل جمع بندقيتين في الجنوب في أول محاولة جدية لجمع السلاح من المدنيين من جانب حكومة الجنوب ، حسب ما جاء في تقرير مركز أبحاث الإستقلال بمدينة غولدن بولاية كلورادو الأمريكية.
أضاف المركز في تقريره «بنادق السودان» إنه في حملة لجمع السلاح بالجنوب تم جمع ثلاثة آلاف مسدس وبندقية عادية وكلاشنكوف بيد أنه تم قتل «1600» شخص مقابل ذلك وخلص التقرير إلى أن هناك ثلاثة ملايين بندقية في حوزة المواطنين المدنيين وهذا عدد كبير إذا ما قورن بعدد سكان الإقليم البالغ ثمانية ملايين شخص.
ووصف التقرير محاولات جمع السلاح من قبل الأمم المتحدة وحكومة الجنوب بالفشل ووصف الأحاديث عن نجاح ذلك «بالغباء».
وفي حوار سابق في العام الماضي أجرته صحيفة «الأيام» مع القيادي بالحزب الشيوعي د. محمد سليمان قال إن إحدى الدراسات التي تمت العام 1989م ذكرت أن جنوب السودان أصبح مليئاً بالسلاح وأن مناطق في شمال بحر الغزال تدفق بها السلاح وكان ذلك السلاح يأتي من دارفور بعد أن انتشر فيها عقب الحرب الليبية التشادية وروى شهود عيان بدارفور إبّان المجاعة في الثمانينات أن البعض كان يقايض سلاحه بحفنة «تمر» أو أي طعام يسد به رمقه كما ذكر مركز «سمول ارمز سيرفي» بمدينة جنيف الذي يهتم بانتشار الأسلحة الصغيرة في دول العالم الثالث أن النزع الإجباري للأسلحة في جنوب السودان لن يفضي الى زيادة الأمن.
ويرد مراقبون ذلك الى أن الأمر متعلق بان بعض رجال القبائل يعتقدون أن محاولة حمل السلاح تأسست على الولاء للحركة الشعبية او الإنتماء للجيش الشعبي وبالتالي إذا ما تم نزع سلاحهم او تسليمه طوعاً فسيكون لقمة سائغة لمن يحمل السلاح. أما رجال المليشيات فلن يسلموا أسلحتهم بلا مقابل وفي حديث سابق مع احد سلاطين نوير اللاو السلطان عبد الرحمن مبيور قال لـ «الرأي العام» إن سلاح المورلي مصدره السلاح الذي تم جمعه بعد اتفاقية السلام في العام 1973م باديس ابابا وقد وضع في مخزن كبير بمدينة البيبور ولم يتم إرساله للحامية الجنوبية بمدينة جوبا وفي أول هجوم على المورلي حصلوا عليه بواسطة أحد اقربائهم في المنطقة.
كورنيلو بيفولادو الأمين العام للإستوائية الكبرى بالمؤتمر الوطني أكد وجود كميات كبيرة من الأسلحة بايدي المواطنين الأمر الذي يسبب التباسا للرائي ولا يستطيع التفرقة بين العسكري والمدني، فرعاة البقر المنتشرون في الأنحاء كلهم مسلحون. وقال كورنيلو إن الحرب في الجنوب كانت حرب مليشيات بعضها ساند الحركة والآخر حارب في صف الحكومة وأشار الى انه بعد اتفاقية السلام الشامل لم تنجح كافة المساعي لجمع السلاح من هذه المليشيات.
وأشار كورنيلو الى أن الحروب القبلية فتحت الباب لتدفق السلاح عبر الحدود الممتدة من اثيوبيا الى افريقيا الوسطى وقال إن القبائل المشتركة والتي تعيش على الحدود تجلب السلاح لتدافع عن نفسها وثرواتها. وجزم كورنيلو ان «50%» من الرجال في الجنوب يقتنون أسلحة وذكر ان بندقية الكلاشنكوف بلغ سعرها «500» جنيه فقط.
واعتبر كورنيلو ان الإقبال على السلاح متزايد بسبب فشل الحركة في حماية المواطنين وبعدم تقديم اي فرد للمحكمة لتطمئن القلوب. جمال السراج الناطق باسم الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي أكد ما ذهب إليه كورنيلو في البحث عن الحماية الذاتية بسبب الخروقات الأمنية وعجز حكومة الجنوب عن السيطرة على المتفلتين وبسط الأمن، وكل من ينزع منه سلاحاً قال جمال سيشتري آخر وأضاف أن خطر السلاح دائماً يأتي من الحدود الكينية لانها مفتوحة بجانب تقبل رجال حرس الحدود الكينيين للرشوة وكثيراً ما تعبر توابيت للموتى الحدود وهي ليست كذلك بل تغطية لتهريب الأموال والسلاح. وعلى لسان السراج فان السلاح غير المعلن عنه يصل الى خمسة ملايين قطعة سلاح وهو أمر بديهي لحال الغليان التي تمور في المنطقة بجانب إنتشار السلاح الأبيض.
ولا احد يتفاءل في الداخل والخارج بذهاب ظاهرة انتشار السلاح قريباً والسيطرة عليه. وقال تقرير «بنادق السودان» إن حكومة الجنوب تفتقر لآليات تمكنها من جمع ذلك السلاح فهي لا تقدم تعويضات لأصحاب السلاح المنزوع لانه ليس مضمن في ميزانيتها. كما لا تقدم دعماً للمعنيين بجمع السلاح.
ام زين آدم :الراي العام