أضبط.. تحويل رصيد
أمس نهاراً.. أوقفني شرطي المرور.. أمسك الرخصة وترخيص السيارة وطلب مني المثول أمام الضابط الذي كان في سيارته على جانب الطريق..
قلت في نفسي هذه فرصة ثمينة لتفحص عملية تحصيل المخالفات.. التي تتم نقداً وفوراً..
الضابط كان محاطاً بعدد من المواطنين الذين أوقفتهم شرطة المرور أيضاً.. كلهم كانوا يدفعون غرامة المخالفة.. فيكتب الضابط بيانات (إيصال المخالفة) ثم ينزعه من الدفتر ويسلمه للمخالف.
لفت نظري أمر مدهش للغاية..!!
الضابط يكتب بيانات المخالفة في الإيصال.. وقبل أن ينزعه ليسلمه إلى السائق المخالف.. يقلب الضابط ظهر الدفتر من الخلف.. في غلاف الدفتر الخلفي مكتوب بالحبر أربعة أسماء (الاسم الأول فقط).. أمام كل اسم عدة خطوط قصيرة.. كلما كتب الضابط إيصالاً قلب الدفتر ووضع خطاً أمام اسم الشرطي الذي (ضبط) المخالفة..
عددت رجال المرور الذين كانوا يتولون مهمة إيقاف السيارات في قلب الشارع .. فوجدتهم أربعة.. على عدد الأسماء المكتوبة في غلاف الدفتر..
كلما أوقف شرطي المرور سيارة .. نال خطاً إضافياً أمام اسمه.. وفي نهاية الحملة.. يمكن حساب السيارات التي أوقفها كل شرطي بحساب الخطوط المرسومة أمام اسمه في غلاف الدفتر الخلفي..
بعبارة أخرى.. حينما يمارس شرطي المرور واجبه في إيقاف السيارات في الشارع للبحث عن مخالفة.. إنما يمارس عملية (جمع الحوافز).. بقدر ما (يقبض) من مخالفات.. فيختلط (الرسمي) بـ(الخاص) بصورة مسيئة جداً – للعلاقة بين الشرطة والمواطن.. الذي يحس بأنه لا يدفع غرامة عن المخالفة بقدر ما هي جباية (شخصية) لصالح من يجبيها.
هنا تنتفي تماماً الحكمة من (التسويات المرورية).. وتصبح مجرد (حوافز) تشجع شرطي المرور على بذل أقصى جهد لتوقيف أكبر عدد من السيارات بأي حجة.. وتغيب تماماً حكمة (الإرشاد) والتوجيه في بعض المخالفات التي تستحق أن تعامل بالحكمة.. لا بالحكم..
ومثل هذه السياسة.. سياسة التحفيز عبر المخالفات قد تساعد على الفساد.. لأن السائق المخالف قد يلجأ لاستخدام نفس الأسلوب.. أسلوب تحفيز شرطي المرور لتجنب دفع قيمة المخالفة.. فبدلاً من دفع (30) جنيهاً مثلاً في مخالفة.. قد يستسهل السائق المخالف دفع (10) جنيهات فقط للشرطي.. الذي قد يجدها أكثر وأسرع من حافزه الرسمي..
هذا الأسلوب يهزم العلاقة بين المواطن والشرطة ويحولها إلى علاقة ترصد وتكسب.. وتنهار قيم التوجيه والإرشاد والتعاون من أجل حفظ النظام.
يجب على شرطة المرور منع أي حوافز مرتبطة بالمخالفات.. حتى لا يجد الشرطي مصلحة في (التعنت) في ترصد المخالفات.. فيبتعد عن دوره في تنظيم المرور إلى استثمار المرور.
لا أظن أن هذه المعلومات غائبة عن قيادة شرطة المرور.. فيبقى السؤال: ما هي الحكمة في (تحفيز) شرطي المرور في تحصيل الغرامات المرورية؟..
هل المطلوب (قيمة) الغرامة.. أم (قيم) تنظيم المرور وترفيع العلاقة بين الشرطة و(شركاء الطريق)؟.
حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]