عثمان ميرغني

تنظيف.. الجواز السوداني

[JUSTIFY]
تنظيف.. الجواز السوداني

أحد أصدقائي.. سوداني مثلنا تماماً لكنه يحمل جوازاً أجنبياً من دولة أوروبية عريقة.. قال لي إنه عند اللزوم في المطارات العربية والأفريقية والعالمية الأخرى يشهر جوازه الأجنبي فتنفتح أمامه الأبواب بكل ترحاب.. ولا يستخدم جوازه السوداني إلا عندما يحط هنا في مطار الخرطوم.. ويجد نفسه (مضطراً) لاستعادة (هويته!!) السودانية..

زمان.. كان الجواز السوداني مفخرة في أي مطار.. لا يحتاج السوداني حتى إلى مجرد تأشيرة من أي سفارة.. يكفي إبراز لوحة الشرف السودانية لعبور أي نقطة جوازات في أي مطار في العالم.

لكن جوازنا السوداني، اليوم، ما عاد يشرف أحداً.. لا في أبواب السفارات الأجنبية في الخرطوم هنا.. حيث يذل السوداني ويهان حتى آخر قطرة من كرامته قبل أن ينال ختم التأشيرة.. ولا في المطارات حتى بعد الحصول على التأشيرة.. فـ(السوداني متهم حتى تثبت إدانته)..

والسبب.. لأننا شعب يعاني من سوء السمعة الدولية.. منذ أن قمنا وبكل بجاحة بسرقة أموال وممتلكات الآخرين تحت شعارات (تأميم ومصادرة الرأسمالية المرتبطة بالاستعمار) قي مفتتح السبعينيات من القرن ماضي.. كانت الخرطوم ومدن السودان الكبرى تعج بأفخر المصنوعات والسلع والمؤسسات التجارية العريقة والبنوك العالمية ذات السمعة.. وكان السودان مهبط كثير من الاستثمارات ورؤوس الأموال من مختلف دول العالم.. وكان الخليجيون يزورون السودان للتسوق.. وبعضهم يشتري مستلزمات الزواج من أسواق السودان..

حتى في قطاع الصحة.. كان العرب يطلبون العلاج في مستشفيات السودان على أيدي أطبائنا.. وأول عملية زراعة كلي أجراها البروفيسور عمر بليل لمريض سعودي جاء السودان خصيصا للعلاج في بداية السبعينيات..

في عهد الرئيس عبود زار السودان غالبية رؤساء الدول الكبرى وزعماء منظومة دول عدم الانحياز حتى ملكة بريطانيا.. والفرق الرياضية العالمية المعروفة.. وأشهر الفنانين والفرق الفنية.. وساهم السودان بفاعلية في دعم الثورات الأفريقية ورعى أشهر الثوار والساسة الذين لعبوا أدواراً بارزة في استقلال أممهم.. على رأسهم الزعيم نيلسون مانديلا..

نحن في حاجة لاستنباط مشروع قومي تحت شعار (تنظيف الجواز السوداني).. مشروع يستعيد (سمعتنا!!) ..

مشروع نتحول فيه من شعب متلق للإغاثات العالمية.. يعيش على خيرات المجتمع الدولي ومنظماته التطوعية.. إلى شعب منتج.. مثابر.. مبدع.. يحول الاقتصاد الاستهلاكي الهش.. إلى ماكينة هادرة قوية تضخ الغذاء والسلع الحيوية ذات السمعة. والجودة العالية إلى باقي دول العالم..

المهمة ليست صعبة.. صدقوني هي في متناول أيدينا.. إذا صح العزم منا وارتقت الهمة.. من أجل تنظيف الجواز السوداني..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]