منوعات

أخشى أن تأتي علينا أيامٌ يُدرَّس فيها أبناؤنا عن حميدتي وكيف حارب لجلب الديمقراطية

تحكي لي جدّتي عن فظائع جنود الخليفة عبد الله التعايشي، وعن جدّاتي اللاتي اخترن النهر حتى لا تُخاض المعارك على أجسادهن.

كانت تسرد لي عن كتلة جدّي عبد الله ود سعد، وتحكي بغبنٍ وحسرة عن الشتات الذي لحق بعائلاتنا.

نشأتُ وفي ذهني أن الخليفة وجنوده مجرمون، حتى صُعِقتُ في حصة التاريخ حين وجدتُه يُتوَّج بطلًا وطنيًا.

رجعتُ إلى المنزل وأنا مثقلة بالتساؤلات، وقصصتُ على جدّتي ما درسته عن الخليفة.
كنت أصدق جدّتي، وأصدق معلّمتي، ولا أدري أيّ رواية أعتمدها.

بعد نقاشٍ طويل وبحثٍ مضنٍ في مكتبتنا، قلتُ لجدّتي:
“حسنًا، الكتب تشير إلى أن الخليفة حارب الأعداء وناصر الوطن، ولا وجود لصحة روايتك.”
قلتُها وفي ذهني أن جدّتي لم تحظَ بقدرٍ كافٍ من التعليم.

فقالت لي بحنقٍ:
“إنتو كان في المدارس بعلموكم تعفوا دم أهلكم؟ أنا ما بعفي دم أهلي!”
بعد سنواتٍ من رحيلكِ يا حبيبتي، عاد التاريخ نفسه.

أخشى أن تأتي علينا أيامٌ يُدرَّس فيها أبناؤنا عن حميدتي وكيف حارب لجلب الديمقراطية… ويتوَّج بطلًا!

Nosiba Mahmoud