الشيخ عبد المحمود أبّو رئيس (هيئة شؤون الأنصار) ممن شرفت بالتعرّف إليه من سنوات خلت ، وهو رجل مهذب ودود وفيه غير قليل من تواضع العلماء.
وقفت قبل قليل على نداء له إلى وقف الحرب وإلى دعوة المتحاربين إلى السلام.
النداء ليس فيه غير ذمِّ الحرب وغير أمنيات طيبة ودعوات بالسلام وللسلام.
لو كانت هذه هي طريقة شيخ عبد المحمود في التعاطي مع الشأن العام وطريقة الكيان الذي يمثِّله_ كيان الأنصار_ وطريقة إمامه الراحل السيد الصادق المهدي رحمه الله لما شعرت بغرابة الموقف.
أما إمام الكيان الراحل فما كان يُقدِم على حديث هو فيه مُكبَّل، وإذا تكلم فصَّل وأبان وطريقته في ذلك التفصيل وتلكم الإبانات مشهورة يرتاحُ لها المُحِب ويَضِيقُ بها الشانئ. وكان يقول ما يعتقده حقاً وصواباً ولا يبالي أن يقول (تَكْ) للمك نفسه ربما قبل أن يقولها ل(غنمايته)!!
لا يتصوَّر أحد يعرف السيد الصادق المهدي رحمه الله أدنى معرفة أنه لو قُدِّر له شُهود هذه الحرب أن لا يتكلَّم فيها!! أو أن يتكلَّم ولا يقول شيئاً كما فعل شيخ عبد المحمود في ندائه!!
وشيخ عبد المحمود نفسه تعوَّد الناس منه على أيام استبداد الإنقاذ القول الصريح باللسان الجهير في المنابر. وكانت مساجد الأنصار عالية الصوت في المعارضة، ولم يكن مستغرباً أن تسمع في خطب الجمعة فيها تفاصيل الحياة السياسية من اعتقال طلاب في جامعة الجزيرة أو قمع لمظاهرة في جامعة أم درمان الأهلية أو فصل تعسفي لمعارضين في مؤسسة!!
فلو أن شيخ عبد المحمود وكيانه كانوا يُقابلون الحاكم المستبد بالدعاء له فقط بالصلاح وبالتوفيق إلى الخير وإلى الرفق برعيته والشفقة عليها _ لا بالجهاد المدني أو المسلح أحياناً!! _ لقبلنا منه اليوم أن يكون موقفه من كل هذا الذي هو كائنٌ عندنا أن (يهدئ) الله النفوس وأن يهدي القلوب!!
إن أيّ حديث في هذه الحرب يقفز على بيان حقيقتها، ويهرب من وصف طبيعتها، ويتحاشى ذكر الدولة التي هي بعض أداة في مشروع كبير تُوظَّفُ فيه أموالها ونفوذها ومليشياتها في المنطقة هو حديث لا معنى له، وخيرٌ لصاحبه أنْ لو كان سكت!!
عمر الحبر
