همسة عتاب
أجمل محادثة هاتفية تلقيتها صباح أمس.. من مواطن في مدينة (القلابات) أقصى شرق السودان.. قال إنهم يوزعون الحلوى والتمر في السوق فرحاً بعودة صحيفة (التيار).. نفس الأمر تكرر في سوق مدينة ود مدني.. ومئات المحادثات الهاتفية ورسائل الموبايل والبريد الإلكتروني انهالت علينا والزيارات المباشرة في مقر العمل.
وأسعدتني الكلمات الوضيئة التي نثرها الأستاذ حسين خوجلي ليلة أمس في برنامجه واسع الانتشار.. وأكثر ما أسعدني في حديثه تأكيده أن هذا القرار هو نصر لكل الدولة السودانية بكل مؤسساتها.. لأنه يثبت دعائم المؤسسية ويؤكد مرجعية القضاء السوداني الذي طالبنا حسين خوجلي أن (نصفق له) في هذا الحكم الحكيم.
لكن هذه الفرحة (الجماهيرية) لم تتمدد لإخوتي وزملائي متخذي القرار التحريري في الصحف.. لفت نظري أن الصحف كلها – عدا صحيفة (الخرطوم) التي يرأس تحريرها الأستاذ عبد الرحمن الأمين الذي أشكره كثيراً على حسن تقديره وإبرازه للخبر في العنوان الرئيس- لم تهتم بقية الصحف بإبراز قرار المحكمة الدستورية بالسماح بصدور صحيفة (التيار).. ويبدو أن الأمر اختلط في أذهان زملائي رؤساء التحرير إذ ظنوا أنه ضرب من (الترويج) لصحيفة (التيار).. وأن باب المنافسة لا يتسع لذلك.. لكن في تقديري أن ذلك فهم خطأ..
قرار المحكمة الدستورية وكما شرحه في المؤتمر الصحفي المحامي الأستاذ نبيل أديب وأسهب في تفصيله الأستاذ حسين خوجلي ليلة أمس في فضائية أمدرمان.. لا يختص بصحيفة التيار.. القرار يرسي قاعدة قانونية دستورية توفر حصانة لكل الصحافة السودانية.. وهو (قرار تاريخي) لأول مرة في عمر الصحافة السودانية الذي فاق الـ(110) أعوام.. كما أنه (سابقة دستورية) يجب أن تسجل للقضاء السوداني، أكدت حيدته ونزاهته وقدرته على تحقيق الإنصاف مهما تصادم ذلك مع رغبة وهوى الحكومة.
من واجب الصحافة هنا أن تروج لهذه الروح.. روح (سيادة القانون) والاحتكام لمرجعية المؤسسات الوطنية.. خاصة وأنها هنا ترتبط بمهنة الصحافة.. لكن التقليل من الخبر بإيداعه الأركان السفلى في الصفحة الأولى أو بمواراته في الصفحات الداخلية يبعث برسالة تحبط قوة القرار وتأثيره على العمل العام في بلادنا.
لأول مرة في تاريخ القضاء الدستوري يصدر مثل هذا القرار. بكلمات قوية لا لبس ولا تأويل فيها. وبالتأكيد ستسجل (السابقة القضائية) وتظل الحيثيات راسخة في الكتب والمراجع القانونية للمستقبل وربما لأجيال كثيرة قادمة.
بكل صدق يستحق قضاة المحكمة الدستورية إشادة على شجاعتهم وحكمتهم.. ابتداء من مولانا عبدالله أحمد عبدالله رئيس المحكمة وبقية أعضاء المحكمة وسنذكرهم جميعاً.
وبالطبع شكر خاص للمستشار القانوني الأستاذ نبيل أديب رئيس هيئة الدفاع عن التيار التي تتكون من كوكبة المحامين الأساتذة (سأنشر أسماءهم في فرصة لاحقة)
أدرك أن قوائم الثناء طويلة لا يسعها المكان الآن.. سيأتي زمان ومكان ذكرها.. لكنني أسجل هنا باقة شكر خاص للأخ مزمل أبو القاسم رئيس تحرير هذه الوضيئة صحيفة (اليوم التالي) على مبادرته بفتح أبوابه لعمود حديث المدينة وكاتب هذه السطور.
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]