تحقيقات وتقارير

هل يريد ترامب ضمان سلامة السودانيين أم الحصول على استثمارات السعوديين ؟

نشرت “فوكس نيوز” مقالاً نظر من زاوية مختلفة إلى الطلب الأخير الذي قدمه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس ترامب، طالبًا منه التدخل لإنهاء الحرب في السودان. حيث أشار المقال المنشور أول من أمس (الأحد) إلى أن ترامب بحاجة إلى المساعدة في إحلال السلام في السودان لما يعنيه ذلك للولايات المتحدة، وليس للسودان وحده، أو للسودانيين، فذلك سبب ثانوي.

ويجادل الكاتب سام براونباك بأن “تعهد ولي العهد باستثمار تريليون دولار في أمريكا سيظل معلقاً في ظل سعي بكين إلى احتواء السعودية، و يفهم من حجج الكاتب من هذا أنه إذا فشلت الولايات المتحدة في التحرك ومساعدة ولي العهد السعودي على ترسيخ مكانته وتقليص دور الإمارات في السودان، وإذا بدأت الولايات المتحدة في المماطلة، فلن يكون أمام السعودية خيار سوى التوجه نحو الصين، وستحذو حذوها بالتأكيد بعض الدول ذات الاغلبية المسلمة والتي يزيد عددها عن 50 دولة.

يجادل الكاتب بأن طلب ولي العهد كان طلبًا غير عادي، ولكنه جيد، فخلال لقائه بالرئيس دونالد ترامب في 18 نوفمبر، طلب الأمير محمد بن سلمان التدخل في الحرب الأهلية الدائرة في السودان. وهي حربٌ أسفرت عن أكبر أزمة إنسانية حالية في العالم. قُتل فيها ما يصل إلى 400 ألف شخص بالفعل بسبب الحرب والمرض والمجاعة. وشُرد ما يُقدر بـ 13 مليون شخص.

وزعمت المقالة أن ترامب قد امتنع سابقًا عن التدخل لكون القضية صعبة و معقدة و لها جذور تاريخية طويلة فهو ينظر إليها كأنها صراع عرقي، وصراع على السلطة بين الفصائل العسكرية، وأيديولوجيات إسلامية وجهادية متجذرة، ولاعبون دوليون على أطراف مختلفة، ويبدو أنها لا تُقدم الكثير من المزايا للولايات المتحدة. “ولكن هنا يكمن خطأ التحليل السطحي.”

وأضاف: “يجب على ترامب أن يستخدم منصبه ومهارته التي لا تُضاهى في حل النزاعات العالمية لإنهاء هذه الكارثة المروعة. وعليه أن يفعل ذلك من أجلنا نحن الأمريكيين”.

يقول الكاتب “إن الأمريكيين يكونون في أفضل حالاتهم عندما يستخدمون قوتهم في إيثار و ترتفع مكانتهم، ويزداد الدعم الجماهيري للقيادة العالمية الأمريكية المستمرة. هذه لحظة حاسمة لأمريكا، حيث تواجه قيادتها تحديًا مباشرًا من الحزب الشيوعي الصيني.”

يُظهر الكاتب أنه كان يرى أن هذا كان وراء تعهد ولي العهد السعودي باستثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة. هذا ليس مبلغًا زهيدًا، ولكنه لن يحدث تلقائيًا. تُجرى المفاوضات المهمة بين القادة على أساس علاقاتي. يجب أن تكون هناك ثقة متبادلة. الأمر لا يتعلق بوضع النقاط على الحروف في العقود.

و يضيف بأن الأمر يتعلق بالوفاء بما تؤمن به في قلبك أنك وافقت عليه. هناك لعبة توقعات يجب مواكبتها أو تجاوزها لاستمرار العلاقة. يجب أن يؤمن كل قائد بأن الآخر ملتزم تمامًا بتحقيق ما اتفق عليه في قلبه، وليس بالتفاصيل في الاتفاقيات الموقعة.”

أضافت المقالة المنشورة في 30 نوفمبر أن اللقاء الأخير بين ولي العهد والرئيس سيكون الأهم بين البلدين منذ عقود، إذا ما سعى كل قائد بجدية، خلال الأشهر والسنوات القادمة، لتجاوز توقعات الآخر.

وهكذا، يُمثل السودان اختبارًا حقيقيًا. فهل سيعمل ترامب حقًا ويستثمر سلطته وسمعته لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية؟ إنها تساوي أكثر من تريليون دولار للاقتصاد الأمريكي.
يُعتبر السعوديون، بمواردهم ومكانتهم الفريدة كحماة لمكة والمدينة، أقدس مكانين للمسلمين، القادة الفعليين للدول الست والخمسين ذات الأغلبية المسلمة. نريد أن يكون السعوديون حليفنا الرئيسي، لا حليف الصين، وإلا فقد تقع دول أخرى تحت نفوذ الصين.

ويضيف المقال بأن الصين تسعى استراتيجيًا وراء المملكة العربية السعودية في سعيها لقيادة العالم وتقويض الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
“هذا الوضع له ميزات جمة على اقتصادنا، وهي حقيقة يدركها الصينيون جيدًا. يريدون إزاحة الدولار عن عرشه، وجزء أساسي من هذه الاستراتيجية هو دفع السعوديين ودول الخليج الأخرى إلى التعامل بالعملة الصينية، وليس الدولار. لا يمكننا تحمّل حدوث ذلك”.

وخلص الكاتب إلى أن أرواح الملايين في السودان على المحك، وكذلك القيادة العالمية للولايات المتحدة وهيمنة الدولار إذن فعلى الرئيس ترامب أن يستخدم مهاراته الفريدة ومكانته كصانع سلام لإنقاذ الأرواح وتعزيز مصالحنا

المحقق – محمد عثمان آدم