عثمان ميرغني

“الترابي يدخل البرلمان بعد ١٥عاما”


[JUSTIFY]
“الترابي يدخل البرلمان بعد ١٥عاما”

كان ذلك (المانشيت) الرئيس لغالبية صحف الأمس.. ولو دخل الترابي البرلمان نائبا منتخبا ليقود زعامة المعارضة.. أو لو دخله رئيسا للبرلمان تماماً كما خرج منه.. لكان ذلك فعلا الخبر الذي يستحق عناوين الصحافة السودانية.. لكن زيارة الترابي للبرلمان كانت لقضية وغرض بالحساب العملي والسياسي قد لا يستحق أكثر من آخر ركن في الصفحة الثانية.

وربما شد انتباه كثيرا من القراء مثلي.. خبر آخر نقلته ذات الصحف يقول: (الشعبى يشكك في استمرار الحوار مع الوطني)..

حزب الترابي نفسه هو الذي يشكك في جدية الحوار مع الوطني.. المشهد أشبه بلقطة في مباراة كرة قدم يرسل فيها الجناح كرة أمام مرمى الخصم متمنيا أن تتلقفها أقدام هداف الفريق ليكملها في المرمى.. فيفاجأ الجمهور بأن الهداف الماهر كان بعيدا في خط الدفاع جالساً يصلح رباط حذائه..

الوضع في السودان تعدى تماماً (أهل القبلة) إلا إذا كان المطلوب (الدعوات الصالحات) فالبلاد تنزلق إلى هاوية مخيفة.. ومجرد لقاء بين الرئيس البشير والدكتور الترابي.. مجرد لقاء.. أكرر مجرد لقاء.. لا يزال يتأجل لأكثر من شهرين.. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الناس لقاء الرجلين في القصر الجمهوري يظهر الترابي في البرلمان ليستعيد ذكريات اليوم الذي منعه فيه الحرس من دخول البرلمان.

هل يعيش الوسط السياسي حالة (فاصل ترويحي) في ماراثون الحوار الذي لم يبدأ بعد؟ أم هي غفلة كبرى عن الواقع الذي يزداد كل يوم وقوعا..

الأحزاب كلها تنتظر (مفاجأة) أو (معجزة) تنقذ الوضع الراهن لكن لا أحد يريد أن يتحرك ويبادر.. حزب المؤتمر الوطني الحاكم (بل المتحكم) بشر بـ(مفاجأة) وتمخضت عن لا شيء، وتأكد للجميع أنه غير مستعجل لأي حل طالما هو في السلطة بمبدأ (وعلى المتضرر اللجوء إلى شرب ماء البحر).. وبقية الأحزاب تقف أمام بوابة (لجنة الاختيار للخدمة العامة) تنتظر مواعيد المعاينات التي ما انفك المؤتمر الوطني يسجلها أسبوعا بعد أسبوع.. أحزاب قليلة (الشيوعي والمؤتمر السوداني) كشفوا اللعبة ولم ينتظروا المعاينة بل طلبوا إبراز هامش الجدية بتهيئة الأجواء السياسية بفتح الحريات على مصراعيها وهم يعلمون أن ذلك محال.

الدكتور حسن الترابي يبدو أنه يفهم تماماً (سر اللعبة).. ويدرك أنه في الوقت الراهن لا يحتاج لأكثر من موطئ قدم في الفعل والقرار ثم يصبح بعد ذلك لكل حادثة حديث.. لكن المشكلة أن الطرف الآخر يفهم ذلك أيضاً، ولهذا يطيل اللعبة و(يشتت الكرة) بمثل حكاية زيارة الترابي لمقر البرلمان فيصبح ذلك هو الخبر الذي يفرح به الإعلام وتحتفي به المانشيتات إلى حين لقطة جديدة..

.. مطلوب من الجمهور (الصفير) بأعلى صوت..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]