غرايشن بدارفور يبحث سبل تحقيق السلام
ظلت معسكرات النازحين بدارفور تمثل هاجسا كبيرا فى سبيل تحقيق السلام بدارفور نسبة لتواجدها حتى الان بكثير من المناطق بدارفور، رغم توقيع اتفاقيات السلام بدارفور مع بعض الحركات المسلحة واستتباب الامن الذى تشهده دارفور الا ان المعسكرات اصبحت جزءا اساسيا فى تحقيق السلام واقتضت الضرورة الاستماع لارائهم ولابد من استصحابهم فى أي عملية سلمية تقود للسلام فى المرحلة المقبلة، لذلك امتدت الفكرة منذ ان بدأت لجنة حكماء افريقيا برئاسة رئيس جمهورية افريقيا الاسبق ثامبو امبيكى من خلال لقاءاته بنازحى دارفور ابان زياته وليس ببعيد ان يلتقى المبعوث الامريكى اسكوت غرايشن بنازحى دارفور خلال زيارته التى استغرقت يومين بدارفور زار من خلالها عددا من مناطق دارفور ومعسكرات النازحين ، اسكوت غرايشن استهل زيارته بمدينة نيالا رئاسة الولاية والتقى من خلالها بحكومة الولاية ومنظمات المجتمع المدنى والادارات الاهلية وبعض زعماءالعشائر القبلية ، واستمع من خلالها الى جملة من المقترحات والاراء بشأن الحل ، فذكرت الحكومة الجهود التى بذلتها من اجل التوصل الى سلام حقيقى بدارفور وعودة النازحين الى قراهم ،ولكن الحديث مع منظمات المجتمع المدنى كان ذا طابع خاص أكد فيه جميع المتحدثين عن ضرورة اشاعة الامن والاستقرار بدارفور والحد من ظاهرة حمل السلاح الذى بات مهددا لامن المواطن والعائدين الى قراهم ، واستبعد المتحدثون ان يتحقق السلام بدارفور ومناطق عودة النازحين مالم تتلاشى كافة الظواهر السالبة ، وتأمين قرى العودة وتوفير الخدمات الاساسية لهم ،«ومحاربة من يرتدون الزى العسكرى ويمارسون النهب والسلب ضد المواطنين » والا اصبحت مسألة تحقيق السلام حديثا ولقاءات واجتماعات فى ظل معاناة سكان المعسكرات والمتضررين ،وبالرغم من حديث منظمات المجتمع المدنى ومرافعتهم عن النازحين ،الا ان نازحى كلمة اصبحوا قادرين على الحديث عن مطالبهم والتعبير عن وجهات نظرهم دون تدخل أي وسيط ، فكان اختيار غرايشن للالتقاء بنازحى كلمة دون مرافق حكومة الولاية او حتى حراسات ، فكان دخوله لكلمة وسط ترحيب واستقبال حاشد من النازحين الذين اصطفوا على جنبات الطريق المؤدى الى داخل المخيم وسط تصفيق حار من النازحين والاطفال ، فاكد هذا الاستقبال مقولة النازحين « ok خواجات حذر حكومة » فكانت زيارة غرايشن لكلمة الاولى له منذ ان حطت قدمه ارض السودان ، فكان الحديث بينه وبين النازحين لم تعترضه عوامل اللغة وتعقيداتها ، فاللغة الانجليزية التى اصبحت مملوكة للجميع بحكم احتكاكهم بالمنظمات يتحدثونها طوال فترة تواجدهم بالمعسكر، وفى سبيل توصيل معلوماتهم اصبحت عملية سهلة جدا لهم. وهنا حدثنى احد النازحين ان اللغة الانجليزية اصبحت سهلة جدا وان ابناء النازحين معظمهم تعلموا اللغة الانجليزية وعدد من اللغات الاخرى ، بالاضافة الى وجود عدد كبير من متحدثيها من خريجى الجامعات والمعاهد ، فاللغة فى سبيل توصيل وجهة نظرهم لم تمثل لهم حاجزا. وذكرت مصادر «للصحافة» ان نازحي كلمة لدى اجتماعهم مع غرايشن طالبوا بضرورة توفير الامن والحماية لهم ، وتعويضهم ، وحث الحكومة على تقديم من كانوا السبب فى نزوحهم وتشريدهم الى محاكمة عادلة ، والعمل على نزع اسلحة الجنجويد وبعض المليشيات التى تحمل السلاح ، بالاضافة الى اخلاء المستوطنين بمناطقهم التى هجروها ، ومن ثم الحديث عن كيفية عودتهم الى قراهم ، مشيرين الى انهم ملوا حياة المعسكرات ويرغبون فى العودة الى قراهم ، الا انهم لم يتمكنوا من العودة لانهم لم يجدوا ما يحفزهم على العودة الى قراهم ، فى ظل عدم جدية الحكومة فى جمع السلاح ، بجانب عدم التوصل مع الحركات التى مازالت تحمل السلاح الى سلام حقيقى بالاقليم ، مطالبين الحكومة والحركات بضرورة ابداء حسن النوايا والتنازل عن كبريائهم للقضايا التى يمكن ان توصل للسلام ، وشدد النازحون على ضرورة مشاركتهم فى المفاوضات ولابد من الاستماع لهم وان لا يجهلوا صوتهم فى المرحلة المقبلة .واشتكى نازحو كلمة من عدم وجود المنظمات بالمخيم ، مشيرين الى ان هنالك منظمتين تعملان بداخل المعسكر الا انهما لم تستطيعا تغطية العمل ، مطالبين بضرورة الضغط علي الحكومة لتسمح للمزيد من المنظمات بالدخول للمعسكر لتقديم الخدمات للنازحين ، مع احترام كرامتهم ، فاحترام الكرامة كررها غرايشن فى اكثر من موقع ، حاثا الحكومة علي ضرورة توفيرها للعائدين من النازحين لقراهم حتى تكون عاملا مشجعا للاخرين فى العودة الى مناطقهم . وفى سبيل تحقيق الامر والتأكد من ذلك زار غرايشن بعض مناطق العودة الطوعية بجنوب دارفور، واستمع من خلالها للنازحين الذين طالبوا بضرورة توفيرها ،مشيرين الى انهم حتى الان يعانون من مسألة المسلحين الذين يعترضونهم اثناء عملهم بمزارعهم وتجوالهم من مكان لاخر. ولهذا قال غرايشن لدى اجتماعه مع حكومة الولاية ان الاوضاع ماعادت تتحمل اكثر من ذلك وان تحقيق السلام بدارفور يجب ان يشارك فيه الجميع حتى تنعم اجيال دارفور القادمة بالامن والاستقرار . ثم غادر غرايشن جنوب دارفور وهو يحمل فى جعبته جملة من مقترحات الحل ، تاركا نازحي دارفور بمخيماتهم يعيشون على امل ان تسفر هذه الزيارة عن بعض النجاحات وتحقيق بعض الخطوات الملموسة من اجل السلام بدارفور حتى تخفف معاناتهم ، وتصبح المعسكرات خالية بعودتهم الى مناطقهم التى هجروها .
من جانبه، طالب والي جنوب دارفور بالانابة، فرح مصطفى، المبعوث الأمريكي بضرورة أن لا يستثني في لقاءاته احدا، وان يلتقي بالجميع حتى تكتمل له الصورة ومعرفة الحقائق للوصول الى مقترحات قوية تدعم مسيرة السلام، مؤكدا ان ولايته تجاوزت العنصرية الضيقة بين القبائل بحكم الانصهار، مدللاً بانه شخصيا من إحدى قبائل «الزرقة الزنجية» ويتقلد رئاسة الولاية، رغم ان الحديث يشير الى اتباع الولاية للقبائل العربية، نافياً وجود حركات تحمل السلاح بولايته، وفيما يتعلق بالخلاف بين العون الانساني والمنظمات، قال مصطفى، لا يوجد خلاف انما سوء تفاهم تم احتواؤه عن طريق اللجان التي كونت للعمل المشترك بين المفوضية والمنظمات، التي اسهمت في انسياب العمل الانساني.
ونفى ان تكون الحكومة منعت بعض المنظمات من العمل بمعسكر كلمة، وقال الآن توجد منظمتان تعملان بجانب منظمة اخري في طريقها للولاية للعمل بالمعسكر، كما طالب غرايشن بإجراء حوار مع قيادات الحركات لاستيعابهم في العملية السلمية، مشيراً لتأثيرهم السياسي والعمل على تقديم الخدمات.
عبد الرحمن ابراهيم :الصحافة