وزير يستغل ركشة
*بينما كنت أمشي راجلاً على إحدى طرقات حي شهير بالخرطوم، إذا بي أفاجأ بأن الرجل الذي يقف على قارعة الطريق ينتظر وسيلة مواصلات عامة تقله إلى داخل المدينة، لم يكن إلا وزيراً شهيراً ترك موقعه منذ شهور بإحدى الحكومات الولائية.
*وبدا أنه قد وقف طويلاً لدرجة الارهاق، على أن الوقفة إذا قُرأت مع أمراض ما بعد الستين لا تجعل صاحبها يحتمل كثيراً، فلم يكن أمامه إلا أن يستغل عربة ركشة ليغفل راجعاً إلى داره داخل الحي.
*فعلى الأقل إن في هذه النسخة من الملاذات بطلاً لمقالي، إذ لم ينقل لي بل كنت بمثابة الشاهد الوحيد، وإن كل الأحداث قد جرت أمام أعيني.
*ربما يقول قائل إن الرجل قد ترك سيارته بالمنزل ليتمشى، أو إنها قد تعطلت في منتصف الطريق وإلى آخر هذه المسوغات.
*فكل هذه التأويلات لم تكن صحيحة فقد علمت منذ نحو فترة قصيرة أنه قد عرض سيارته للبيع بغرض الإيفاء بمستلزمات أسرته الممتدة، على أن هذه الواقعة خير دليل على تخلصه من سيارته.
*بعد تراجيديا هذه الحادثة ذهبت مثقلاً بالحزن والأسى لأجلس بالقرب من مجموعة من الشغيلة يتسورون إحدى ستات الشاي منتظراً أحد الإخوان، كنت مذهولاً لدرجة أن سألني أحدهم بقوله (يازول مالك)! قلت رأيت للتو مشهداً غريباً ثم سردت له (قصة وزير المالية) والركشة، فقال لي يمكن زولك ده ما لقى فرقة في الخزينة هو جلس كم هناك!
*قلت له إن الذي أعرفه أن الرجل قد لبث في وزارة المالية لمدة عامين كاملين، قال لي ساعتها (إن صاحبك رجل نزيه وأمثاله قليل في هذا الزمان).
* وهناك دلالات عديدة يعزز بعضها بعضاً، وترفد مقولة (رجل ست الشاي) الذي لم يعرفني ولم يعرفه.. بأن “صاحبك هذا نزيهاً وأن أمثالع قليل في هذا الزمان”.
*ومن تلك الشواهد أن صاحبنا الوزير أولاً قد أتى إلى الوظيفة العامة من مؤسسة دعوية شهيرة بعد أفنى كل شبابه في ردهاتها وهو يومئذ تحرسه مسيرة ناصعة أثيرة، وهو رفيق شهداء مضوا إلى سبيل ربهم، وهو لا يزال ينتظر وما بدل تبديلاً.
*والشاهد الآخر هو أن صاحبنا هذا قد تسنم عدة وظائف عامة كبيرة، وفي كل مرة لا يحتمله الآخرون، فخرج أو أخرج من كل الوظائف الكبيرة واحدة تلو الأخرى بسبب آرائه الجهيرة في المال العام مرة، وفي حالات الخنوع والتجاوز في مرات عديدة، فالذي أعرفه أنه لا يصلح لحقائب هذا الزمان.
*ولعلها تكون شهادة أخرى على أن القوم، قوم شيخ حسن، بعد العودة الداوية واللقاء الجهير للمؤتمريْن، شهادة على أن هناك (بقية شهداء) مما ترك الراحلون الأولون، وأن القوم على الأقل ليس بهذا السوء والفساد الذي يكرس له بعضهم عن رصد وترصد، فلقد فصَّل بعضهم من الفساد جلاليب قال عنها السيد البروف غندور “لم نملك إلا تلبس جلباب الفساد الذي فصله الآخرون لنا بغيابه”!
*على أي حال، احتفظ أنا صاحب هذه الملاذات باسم الرجل وعنوانه إن كان هنالك من إخوان الحرس القديم بعض سلوى ومعروف وذلك دون أن نغتال كبرياء الرجل الجهير الكبير.
*أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، قوموا لتقديم نماذج مشرفة وصناعة (شهادة جديدة)، واستووا، إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
يا أستاذ ابشر واحد من أثنين يا اما انت عبيط أو بتستعبط ومعرفتي بك من ايام بنك التضامن الأسلامي -الرئاسة ش البرلمان تجعلني استبعد الاولي وأرجح الثانية علي ..