احمد دندش

(استاذ) عوض الكريم…(يابا مع السلامة)..!


[JUSTIFY]
(استاذ) عوض الكريم…(يابا مع السلامة)..!

جاءتني مكالمة محمد في وقت متآخر من الليل، لم يكن يعرف بأنني حتى تلك اللحظة لم اعرف الخبر، فقال لي بسرعة: (عايزين نعمل نعي في الجريدة لاستاذ عوض الكريم)، فأصابتني الصدمة لدقائق قبل ان اسأله في بلاهة: (هو استاذ عوض الكريم مات)…؟..ليصمت محمد قليلاً قبل ان يعتذر لي لعدم المامه بعدم معرفتي للموضوع، وقبل ان يعزيني وقبل ذلك يعزي نفسه في ذلك الفقد الجلل.
وعوض الكريم لمن لايعرفونه ليس استاذاً فحسب، هو موسوعة تربوية شاملة تحمل بين طياتها الكثير من الحكم والمواعظ والقصص والارشادات و…الحب…واقول الحب..لأن عوض الكريم لم يمنح احدنا ونحن طلابه قبيل سنوات، اي احساس بأنه دون الآخر، او انه يفضل احدنا على الآخر، كان مؤمناً جداً بفكرة (الحب الكامل) والعطاء المتكامل، فأستطاع ان يكسب حب واحترام وتقدير كل الطلاب وكل المعلمين كذلك.
ارتباطنا بعوض الكريم لم يكن (ارتباطاً علمياً) ينتهي بنهاية مغادرتنا لاسوار المدرسة الابتدائية وانتقالنا الى الثانوي، فقد كنا نتواصل معه بصورة شبه دائمة، وكنا نحرص على تخصيص يوم 15 من شهر رمضان للافطار معه بالمدرسة ببري، واستدعاء الذكريات الجميلة، وكان هو يستقبلنا بذات الملامح القديمة الغارقة في الحب والابوة والتقدير، وكان دوماً يسألنا: (اها..انشاء الله رافعين رأسي) وكنا في محرابه نعود تلقائياً لتلك السنوات القديمة ويصغر كل منا عشرات السنوات ونكتفى بالابتسام في حضرة ذلك الرجل (البسام).
نعم…رحل عوض الكريم عيسي ابن بربر المعطاءة بعد سنوات طويلة قضاها يغرس في بذور المعرفة في دواخل الطلاب، رحل عوض الكريم (بسيطاً) كما عهدناه، رحل بذات الابتسامة والقناعة التى كانت تزين حياته، والتى غرس بعضاً منها في دواخلنا…رحل عوض الكريم (الاب) والصديق والمعلم والقدوة وترك لنا سيرة ذاتية ناصعة البياض نحكيها لابنائنا ونتحسر في نهايتها لأنهم لن يستطيعوا التتلمذ على يديه كما تتلمذنا نحن.
آخر السبت:
لك الرحمة استاذى عوض الكريم عيسي، ولنا خريجي مدرسة البركة بكل الدفعات التى عاصرتها الصبر وحسن العزاء، وهكذا الحزن في بلادي، يخترق عظم الثبات (جرحاً)..وينسل من الجانب الآخر (الماَ)…لاحول ولاقوة الا بالله…انا لله وانا اليه راجعون.
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني