الحــــوار الوطنـــي.. أحـــداث الفاشـــر.. مورنينـــغ غلوري.. وحــارس فـــي الثقـــب
آليات الحوار
حسب تصريحات البروف إبراهيم غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني عقب اجتماع المكتب القيادي لحزبه يوم الخميس، فإن إعلان آليات الحوار الوطني بين كل الفرقاء السياسيين سيكون في غضون الأيام القليلة القادمة، بعد أن بلغ عدد الأحزاب التي تم التحاور معها في قضايا الوطن وكيفية إدارة الحوار أكثر من «57» حزباً، كما جاء في تقرير الأمانة السياسية للمؤتمر الوطني بما فيها الأحزاب المعارضة خاصة حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي وبعض فصائل اليسار.
مقابل ذلك كشف حزب الأمة القومي عن تسليمه رئيس الجمهورية قائمة تضم عشر شخصيات قومية لرئاسة الآلية التي تدير الحوار الوطني، كما قال عبد الحميد الفضل مسؤول الإعلام بالمكتب السياسي لحزب الأمة.. وقامت أحزاب أخرى بتقديم مقترحات وتصورات، وتم تلخيص كل ما تم الاتفاق عليه في لقاءات الرئيس مع الأحزاب، لصياغة الرؤية النهائية لكيفية تكوين آلية الحوار ومنهج عملها ومداه.
هذه الخطوة إن تمت دون مزايدات سياسية أو منازعات حزبية أو تسويف، يمكن أن تخطو بالحوار الوطني خطوة للأمام، وبإمكان السودانيين أن يقدموا تجربة جديدة للعالم في كيفية التوافق والاتفاق على الثوابت الوطنية، وجعل الحوار هو السبيل الوحيد لطرح الاختلاف السياسي.
أحداث الفاشر
بغض النظر عن حالة الاستقطاب الراهنة في ولاية شمال دارفور، واصطفاف الناس حول رؤيتين وموقفين، إلا أن الأوضاع الأمنية والسياسية بهذه الولاية تحتاج إلى مراجعة فورية عاجلة حتى لا تنحدر الأمور إلى هاوية سحيقة ولات حين مندم!!
فقد شهدت مدينة الفاشر طوال الأسبوع الماضي حوادث أمنية خطيرة بدأت بمواجهات واشتباكات مسلحة سقط فيها قتلى من النظاميين ومواطنين في قلب عاصمة الولاية، ثم تكررت حوادث متقطعة وإطلاق نار عنيف في اليوم الذي تلاه، ثم أُطلقت النيران على أحد المواطنين أمام مقر حكومة الولاية جوار مجمع السلطان علي دينار، ثم جاء الحدث الأكبر اقتحام مجموعة مسلحة مباني جامعة الفاشر وقيدوا الحراس وأحرقوا مبنى عمادة الطلاب وثلاث سيارات وإطلاق النار على منزل مدير الجامعة.. وفرَّ الجناة دون أن يتم التصدي لهم أو القبض عليهم بالرغم من أن ملاحقتهم بغرض القبض عليهم جارية.
هذا في مدينة الفاشر.. خلال أسبوع واحد فقط، دعك مما حدث في الولاية من هجمات المتمردين الذين شقوا طريقهم من أقصى جنوب الولاية إلى شمالها مارين بعدد من المحليات والقرى والمدن عاثوا فيها فساداً وقتلوا الأبرياء وأحرقوا المرافق الحكومية ونهبوا ممتلكات المواطنين وانتهكوا الحرمات.
إذا كانت الحكومة الاتحادية وقيادة الدولة تنتظر أن تهدأ الأمور بفعل ذاتي أو نزول معجزة من السماء فذلك شيء آخر، لكنه انتظار لا علاقة له بالمسؤولية الكاملة وما ينبغي أن تكون عليه الدولة التي يجب أن تمد سلطانها بقوة وتحمي الأرواح والممتلكات وتتخذ التدابير العاجلة حتى تستوي سفينة الولاية على جودي الأمان.
لكننا تعلمنا من تجارب الحكومة أنها لا تحاسب ولا تتخذ قرارات فاعلة وجادة إلا إذا وصل الضرر إلى حلقومها ووصل نصل السكين إلى عظمها بعد لحمها!!
ففي أحداث الفاشر عندما هاجمت قوات المتمردين في عام 2003م مدينة الفاشر ودمروا ست طائرات في المطار وحاولوا اقتحام المدينة، اتخذ السيد الرئيس قرارات حاسمة بعد أيام قلائل، فتم عزل الوالي الفريق أول إبراهيم سليمان، وقيادة الجيش والشرطة والأمن في الولاية.
وعندما هاجمت قوات جيش دولة جنوب السودان حقول هجليج في عام 2012م، تمت إحالة عدد من القادة العسكريين إلى التقاعد بعد التحقيق معهم ومحاسبتهم على ما نُسب إليهم من تقصير وسوء تقدير أدى إلى ما حدث.
فهل دماء المواطنين وحياة الآمنين في مدنهم وقراهم وممتلكات المواطنين أرخص من برميل بترول ومن الطائرات التي تم تفجيرها؟.. ولماذا تغضب الدولة عندما يصلها رأس السوط في عزيز لديها مثل الطائرات والنفط، وتتباطأ في الحسم واتخاذ القرارات عندما يكون الفقد أرواح بشر؟!
سودانيان في مورنينغ غلوري
حاملة النفط التي اكتسبت شهرة خلال الأيام الفائتة مثل الطائرة الماليزية المفقودة.. هي «مورنينغ غلوري» ترفع العلم الكوري الشمالي، هي التي عجلت بقرار المؤتمر الوطني الليبي بعزل رئيس الوزراء علي زيدان بتهمة تورطه في بيع النفط الليبي بطرق غير شرعية وتقاعسه عن حماية بترول ليبيا.
وتدخل الأسطول الأمريكي السادس الرابض في مياه البحر الأبيض المتوسط، وقام جنود من البحرية الأمريكية من المدمرة «روزفلت» بالسيطرة على ناقلة النفط واقتيادها إلى الشواطئ الليبية.
هذا ليس هو المهم.. لكن المهم هو وجود سودانيين ضمن طاقم الناقلة النفطية الكورية الشمالية.. ولم يكشف حتى الآن هل كان السودانيان من الطاقم الفني بحارة في الناقلة أو يعملان على متنها أم ضمن القوة المسلحة من الجماعة الليبية المتطرفة التي تمتلك شحنة النفط.
وحتى تُكشف معلومات بدقة عن أخوينا السودانيين، يبدو القول صحيحاً، أن كل طوبة أزمة دولية ترفع، نجد تحتها سودانياً في الصومال وسوريا والعراق وأفغانستان وأوكرانيا.. والواق الواق!!
الحارس في الثقب
لعلاقة خاصة جمعتني بآل شبارو في بيروت وهم أصحاب أكبر دار نشر عربية «الدار العربية للعلوم»، ظللنا نتواصل منذ إصدار شركة المنبر للطباعة المحدودة كتاب «هذا ما حدث .. صدام حسين من الزنزانة الأمريكية» عام 2009م، ويرسل لي الصديق بشار شبارو من فترة لأخرى أحدث الإصدارات من الدار التي أصبحت رائدة في البيع والتوزيع الالكتروني للكتاب، فضلاً عن هدايا الدار المباشرة عن أي كتاب جديد له قيمة معرفية كبيرة.
لاهتماماتي بالآداب وكتب السير الذاتية والمذكرات للسياسيين والقادة.. قرأت بتركيز بالغ وتلهف كبير كتابين مهمين الأول.. هو «الحارس في الثقب» للأديب والكاتب المسرحي السعودي صالح الزمانان، وهو نوع من الكتابة على طريقة الشعر المسرحي عند محمد الماغوط، وكأن الزمانان يشرح الواقع العربي بعد تمخضات الربيع العربي وقمع السلطة السياسية والنظام الرسمي العربي تطلعات المواطن وقهره ومصادرة كل أحلامه والإلقاء به في غياهب السجون والمعتقلات والمنافي.. وهو كتاب جدير بالقراءة والتأمل من حيث لغته الرفيعة والتكنيك الأسلوبي الذي عبر به الكاتب عن واقع الحياة العربية وأثرها السياسي.
أما الكتاب الثاني، فبعد أن انتهت أزمنة الرواية البوليسية التي بدأت بأدغار ألان بو وآرثر كونان دويل وأجاثا كريستي وجورج سيمون أوم ومورسي لبلان، واختفاء الشخصيات الروائية التي عشنا معها تلك الأزمنة من شرلوك هولمز وهيركويول بوارو وأرسين لوبين.. ظهر نمط جديد ومعاصر من الرواية البوليسية، وصدرت عن الدار العربية للعلوم ترجمة لرواية بوليسية جديدة لمؤلفها فيكتور آرنر إيغنو لفسون بعنوان «لغز جزيرة فلايتي»، وهي تحكي عن صيادي حيوانات بحرية عند شاطئ جزيرة مهجورة لا سكان فيها عند شواطئ إيسلندة الباردة حيث حيوانات الفقمة وكلاب البحر والحيتان، ويكتشف صيادان جثة طافية في اليوم الأول ثم جثة أخرى، وتبدأ فرق البحث عن المعلومات والحقيقة لتقود هذه العملية إلى عالم معقد من الأساطير القديمة والخرافات والمرويات الدينية في أوروبا قبل المسيحية وقبائل الفايكنيغ في إسكندنافيا وعالم السحر الأسود. ويربط المؤلف الماضي بكل ظلامه بالحاضر.
٭ ما أمتع الكتب.. لله در المتنبي أليس هو القائل «وخير جليس في الزمان كتاب ..» في أيامنا هذه قلَّ الجليس والأنيس.. فعودوا للكتاب!!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة