عثمان ميرغني

شيطان الحرب

[JUSTIFY]
شيطان الحرب

حزب المؤتمر الشعبي.. وعلى لسان الدكتور بشير آـدم رحمة مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب كشف أمس عن لقاء في العاصمة الكينية نيروبي بين موفد للحزب الشعبي وحركة العدل والمساواة التي تحمل السلاح في دارفور.. وجنوب كردفان.. وأن الموفد تلقى موافقة (مبدئية) من الحركة على السير في مشوار الحوار الوطني الذي دعا له حزب المؤتمر الوطني.

لكن الحركة وعلى لسان ناطقها الرسمي جبريل آدم بلال أصدرت بياناً كذبت فيه اللقاء.. وأكدت أنها ملتزمة بتحالفاتها والأطر التي تعمل فيها..

من النظرة التحليلية يبدو أن اللقاء فعلاً حدث.. فبيان حركة العدل والمساواة فيه تلاعب واضح بالألفاظ.. واستخدم عبارة (لم يحدث أي لقاء رسمي في نيروبي بين حركة العدل والمساواة وممثل للمؤتمر الشعبي كما ورد في الصحف، ولم نتطرق لأي شروط بغية المشاركة فيما يعرف بالحوار الوطني منعدمة)

فهو ينفي حدوث (لقاء رسمي!!).. وهي عبارة تعني أن اللقاء حدث لكن الحركة ترفض تسميته بـ(الرسمي).. والدليل على أن اللقاء تم.. هو بقية ما ورد في بيان الحركة (ولم نتطرق لأي شروط بغية المشاركة فيما يعرف بالحوار الوطني.) وهي جملة تثبت حدوث اللقاء (غير الرسمي) وتنفي أنه (تطرق لأي شروط بغية المشاركة فيما يعرف بالحوار الوطني).. بما يعني تأكيدا ضمنيا لما قاله د. بشير آدم رحمة أن الحركة أبدت موافقة (مبدئية)!!. دون التطرق لشروط..

على كل.. في حال موافقة حركة العدل والمساواة بأي صيغة على الانخراط في عملية سلمية.. تحت أي مسمى (حوار وطني أو غير وطني) فإن ذلك يمهد لمرحلة مبشرة.. لكن مع ذلك من الأجدر أن يدرك الحزب الشعبي صاحب المبادرة بالسفر لمقابلة الحركات المسلحة- أن محاورة الحركات المسلحة مجتمعة تحت مسمى (الحبهة الثورية) أفضل من الانفراد بها واحدة دون أخرى..

والحيثيات منطقية وواضحة.. حتى في ألفاظ بيان أمين إعلام حركة العدل والمساواة.. فالناظر إلى ما بين السطور يكشف أن الحركة تخشى على نفسها من رد فعل حلفائها في الجبهة الثورية.. تماماً بنفس الوضع الذي تعرضت له الحركة الشعبية (قطاع الشمال) في مفاوضات أديس أبابا.. عندما كال لها مني أركو مناوي هجوماً لاذعاً على خلفية انفرادها بالحوار والمفاوضات دون بقية حلفاء الجبهة الثورية.. وكانت النتيجة أن تراجع قطاع الشمال.. وانهارت المفاوضات..

التفاوض المباشر مع واجهة الجبهة الثورية.. يجعل جميع الحركات في منصة واحدة ملزمة.. ويحاصر ويعزل أي حركة تتنصل عن هذه الواجهة.. وبكل يقين تجربة المفاوضات في (أبوجا) أثبتت أن السلام الجزئي هو حرب كاملة.. ففي (أبوجا) انفردت الحكومة بتوقيع حركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي.. وفشلت في إلحاق العدل والمساواة ومجموعة عبد الواحد محمد نور.. فكانت النتيجة في النهاية أن خرج مني أركو مناوي من القصر الجمهوري وعاد أدراجه إلى لغة الرصاص والدمار والدماء.. فلم تنجح أبوجا في سلام جزئي.. وجرّت علينا حرباً كاملة الدسم بكل الفصائل التي وقعت أو لم توقع على اتفاق أبوجا.

من الحكمة أن تتركز الجهود على سلام شامل مع الجميع.. وما انفردت الحكومة بحركة مسلحة.. إلا كان الشيطان ثالثهما.. شيطان الحرب..!!
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]