“للصبر حدود!!”
الأستاذ علي عثمان محمد طه ذهب إلى بيت الدكتور فاروق أبوعيسى.. هذا هو (الحدث).. تأملوا بعد ذلك في (الخبر).. من وقائع جلسة استغرقت أقل من (45) دقيقة.. خرجت عدة نسخ تحكي عن الحصل.. الرواية الأولى لفاروق أبوعيسى وصفت مشهداً صدامياً انتهى برفض الانسياق في عملية الحوار السياسي الذي يتعهده حزب المؤتمر الوطني.. ووصلت من الإثارة حد الاتفاق على (تفكيك الإنقاذ)..
لكن الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي ربما هاله صدى رواية صاحب البيت.. سارع ببث رواية خبرية تحكي عن نقيض ذلك تماماً تصف مشهداً ودياً انتهى بالموافقة المبدئية على الانخراط في الحوار..
وبين الروايتين يقف الشعب السوداني كله فاتحا فمه في دهشة عريضة.. كيف لم يستطع سياسيان بهذا الحجم الاتفاق على الاختلاف؟.. أو الاختلاف على الاتفاق.. بصورة واضحة يمكن قراءتها بعد ذلك ليس من جانب الشعب وحده بل حتى لقيادتي الطرفين؟.
من الواضح جداً أن الأزمة (ليست مجرد حوار) بل أزمة مفاهيم ومصطلحات فيصبح الحوار حتى ولو تم أشبه بلغة الإشارة بين قوم لا يفهمون لغة الإشارة.. فيفسرها كل جانب كما يريد.
حزب المؤتمر الوطني واضح تماماً أنه يتعامل مع قضية الحوار على افتراض أنها حجز تذكرة سفر على رحلة مغادرة.. ليس المطلوب أكثر من الحصول على تذكرة السفر لمن يريد أن يكون في الطائرة (on board) بعد ذلك لا يهم إلى أين ستسافر الطائرة طالما أن الطيار والطاقم هم حزب المؤتمر الوطني.
أما المعارضة فهي تبحث عن روشتة فيها وصفة تنزع من خصمها قوته لتتلبسها هي.. على مبدأ الإحلال والإبدال.. كيف؟ لا يهم.. وتفترض أن حزب المؤتمر الوطني هو من عليه وزر (تفكيك نفسه)..
ولهذا لطالما رددت وكتبت هنا أن الحوار السياسي الذي يدعو له حزب المؤتمر الوطني هو (تشتيت للكرة) وإضاعة للزمن لصالح الوطني ضد الوطن..
مفردات حل المشكلة السودانية واضحة للغاية لا يمكن أن تبدأ إلا من نقطة البداية الحقيقية.. وهي (إطلاق سراح الشعب السوداني) ليتحاور أصالة عن نفسه في فضاء مفتوح دون انتظار للزيارات الاجتماعية التي تفشل حتى في مجرد الاتفاق على صيغة خبرها.
الشعب السوداني ليس قاصرا يخضع لوصاية الساسة.. هو مزيج من المستنيرين وأصحاب الخبرات في كل المجالات وأهل المصلحة.. ومن حقهم أن يتحدثوا ويتحاوروا ليس مع المؤتمر الوطني بل مع أنفسهم.. لكن اختزال الحوار السياسي في (أدب الزيارة) وجبر الخواطر السياسية عبر الملاطفات الاجتماعية هو محض استهزاء واستخفاف بالشعب السوداني الذي ضجر حد الضجر من هذه اللعبة المملة الخطرة..
ولكن على حد قول الفنانة المصرية أم كلثوم: (للصبر حدود).
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]