عثمان ميرغني

إلغاء أحكام الإعدام

[JUSTIFY]
إلغاء أحكام الإعدام

حزب المؤتمر الوطني على المحك.. إطلاق الحريات السياسية والصحفية إجراء لا يقبل التأويل.. يراه الناس ويراقبونه منذ اليوم في ندوات الأحزاب في الميادين.. وفي صفحات الصحف.. والردة عن هذا القرار صعبة لأنها ستطيح آخر قطرة من المصداقية..

ومع هذا نأمل من أحزاب المعارضة أن تشجع المؤتمر الوطني على الإمعان في هذا الاتجاه.. مناصرة حمائم الوطني ضد صقوره.. وتعلية الإحساس عند الوطني بأن لا أحد يخسر من الحريات.. الكل سيربح بما فيهم حزب المؤتمر الوطني مهما كانت وطأة النقد و(نبش الحال) الذي سيكابده في ندوات الأحزاب والصحافة الحرة..

إذا تفهم الجميع ـ حكومة ومعارضة ـ أن الوطن في هذا المحك أولى من المصالح الضيقة.. فصدقوني ستنهار كل المخاطر وينطلق السودان ثابتاً في طريق التراضي الوطني..

ومع ذلك.. في تقديري.. أن التحدي الأكبر هو تركيز جهد جماعي لإقناع الحركات المسلحة بالموافقة على منبر حوار داخل الوطن.. صحيح أن السيد رئيس الجمهورية التزم بضمان سلامة ممثلي الحركات المسلحة إذا ما وفدوا إلى الخرطوم.. لكن مثل هذا الوعد يلزمه مزيد من تبيان هذه الضمانات ونوعها ومدى صدقيتها.. هوة الثقة المفقودة بين الطرفين جد كبيرة ويلزمها ضخ مزيد من الطمأنينة في قلوب حاملي السلاح..

أقترح أن يصدر قرار جمهوري من الرئيس برفع سيف الأحكام التي صدرت مؤخراً في حق قادة الجبهة الثورية.. ذلك عربون مهم في هذا التوقيت.. فلا يعقل أن تقدم الضمانات في وقت لا تجد فيه الحكومة الإرادة لبذل أي جهد مؤكد لصدق النوايا.. ثم إعلان العفو العام عن كل من حمل السلاح، ووقف إطلاق النار من جانب واحد في كل جبهات القتال في دارفور والمنطقتين..

وقد يساعد أكثر أن يدعو السودان مراقبين دوليين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وشركاء مهمين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا لمراقبة الحوار مع حاملي السلاح هنا في الخرطوم..

سيواجه حزب المؤتمر الوطني والحكومة تحدياً مؤلماً عندما تنطلق ندوات المعارضة في الميادين.. وتنفتح شهية الإعلام والصحف لنبش ملفات الفساد المتراكمة.. لكن أي تراجع عن الحريات سيكون باهظ الثمن ليس على الوطني فحسب بل على الوطن كله.. وربما من هذا الفهم الأجدر أن تدرك أحزاب المعارضة أنها شريكة في تثبيت الحريات بمزيد من المسؤولية.. أن لا تنحدر الحريات نحو هاوية الإسفاف والفوضى مثل تلك التي سادت الفترة الحزبية في الثمانينيات.. فالحرية مهرها المسؤولية.. وكبت الحرية ليس بأقل جرماً من هدر الحرية بالفوضى..

نحن جميعاً فائزون.. بقدر قدرتنا على استلهام مصلحتنا المشتركة (حكومة ومعارضة) في وطن مستقر..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]